للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة أصحاب القول الثاني:

استدلوا بدليل واحد وهو:

أن الطهارة كانت صحيحة في جميع الأعضاء إلى حين نزع الخفين، فإذا بطلت في القدمين فغسلهما عقيب النزع على الفور لم تفت الموالاة، لقرب غسلهما من الطهارة الصحيحة في بقية الأعضاء، بخلاف ما إذا تراخى في غسلهما (١).

نوقش:

بعدم التسليم، لأن المسح قد بطل حكمه، والاعتبار في الموالاة إنما هو بقرب الغسل من الغسل لا من حكمه (٢).

أدلة أصحاب القول الثالث:

الدليل الأول: القياس على الشعر المسموح والظفر المغسول، فكما لا تبطل الطهارة بحلق شعر رأسه بعد المسح عليه ولو كان كثيفاً لم يصل البلل إلى باطن رأسه، فكذا هنا لا تبطل الطهارة بخلع الخفين، ونزع العمامة، ولا فرق، لأنه أزال الممسوح بعد كمال الطهارة (٣).

نوقش:

بأنه قياس مع الفارق، لأن الرأس أصلٌ يمسح مع وجود الشعر وعدمه، بينما المسح على الخف بدل من غسل القدم فافترقا.

الدليل الثاني: أن نزع الخفين ليس بحدث، والطهارة لا تبطل إلا بحدث (٤).

الدليل الثالث: أثر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه بال قائماً حتى أرغى (٥)، فأتي بكوز (٦) من ماء، فغسل يديه واستنشق وتمضمض وغسل وجهه وذراعيه ومسح برأسه، ثم أخذ كفاً من ماء فوضعه على رأسه حتى رأيت الماء يتحدر على لحيته ثم مسح على نعليه، ثم أقيمت الصلاة، فخلع نعليه، ثم تقدم فأم الناس" (٧).

وجه الدلالة:

أنه خلع نعليه بعد أن مسح عليهما، وصلى، وهو من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباع سنتهم، مما يدل على عدم بطلان المسح بخلع الممسوح.


(١) انظر: الإشراف (١/ ١٣٦) , المغني (١/ ٣٦٨) , الشرح الكبير (١/ ٧٩).
(٢) انظر: المغني (١/ ٣٦٨) , الشرح الكبير (١/ ٧٩).
(٣) انظر: المغني (١/ ٣٦٧, ٣٦٨) , المجموع (١/ ٥٢٧).
(٤) انظر: المصدرين السابقين.
(٥) أرغى البائل: صارت لبوله رغوة. انظر: القاموس المحيط (ص: ١٢٨٩).
(٦) الكوز: نوع من الأواني له عروة، والكوب لا عروة له، انظر: النهاية (٥/ ٤٠٣،٤٠٢).
(٧) رواه عبدالرزاق (١/ ٢٠٧) برقم ٧٨٣، وابن أبي شيبة (١/ ١٩٠)، قال الألباني في تمام المنة (١/ ١١٥): (إسناده صحيح على شرط الشيخين).

<<  <   >  >>