للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة أصحاب القول الثالث:

استدل القائلون بالتفريق بين القليل والكثير، بحسب أوساط الناس بآثار مروية عن الصحابة منها:

الدليل الأول: عصر ابن عمر رضي الله عنها بثرة فخرج منها الدم ولم يتوضأ (١).

الدليل الثاني: أن عبد الله بن أبي أوفى (٢) بزق دما فمضى في صلاته (٣).

الدليل الثالث: أن كل حكم شرعي لا ضابط له في الشرع ولا في اللغة، يرجع فيه إلى العرف، وإلى ما اعتاده الناس، ولا يرجع فيه إلى الأشخاص لأنهم مختلفون، فمنهم الموسوس، ومنهم المتهاون (٤).

الترجيح:

على القول بأن الخارج النجس من غير السبيلين ينقض الوضوء، يترجح والله أعلم ما ذهب إليه القاضي أبو يعلى في اختياره، بأن الناقض هو الكثير وتحديده بحسب أوساط الناس؛ لأن كل مالم يحد في الشرع ولا في اللغة فمرجعه العرف، ولا تترك للأشخاص بحيث يتكلف الموسوس، ويتساهل المتهاون، فتضطرب الأحكام فما كان ناقضاً عند شخص، كان غير ناقض عند غيره، والله أعلم.


(١) علقه البخاري في صحيحه، في كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين: من القبل والدبر، ووصله عبدالرزاق في مصنفه (١/ ١٤٥).
(٢) عبد الله بن أبي أوفى هو: عبدالله بن علقمة بن خالد بن الحارث بن أبي أسيد بن رفاعة بن ثعلبة بن هوازن بن أسلم الأسلمي، أبو معاوية، من أصحاب الشجرة، وروى أحاديث شهيرة، نزل الكوفة سنة ست أو سبع وثمانين،، وكان آخر من مات بها من الصحابة. ويقال: مات سنة ثمانين رضي الله عنه. انظر: ترجمته في الإصابة (٤/ ١٨)، أسد الغابة ت (٢٨٣٠)، الاستيعاب ت (١٤٨٦).
(٣) علقه البخاري في صحيحه، في كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين: من القبل والدبر، ووصله عبدالرزاق في مصنفه (١/ ١٤٨).
(٤) انظر: التمهيد للأسنوي (ص ٢٢٤)، والأشباه والنظائر للسيوطي (ص ١٩٦)، وشرح الزركشي (١/ ٢٥٧).

<<  <   >  >>