للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأدلة:

أدلة أصحاب القول الأول:

الدليل الأول: قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} الآية (١)

الدليل الثاني: عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: (عليك بالصعيد فإنه يكفيك) (٢).

وجه الدلالة:

أن الله سبحانه أرشد للتيمم عند فقد الماء، فمن ليس بحضرته ماء، ولا هو عالم به فهو غير واجد له، ولا نفرض عليه طلبه والبحث عنه، لأن فيه إلحاق الزيادة بحكم الآية، وذلك غير جائز (٣)، وكذلك أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - عمران بن حصين للتيمم دون أن يطلب منه البحث عن الماء.

أدلة أصحاب القول الثاني:

الدليل الأول: قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} الآية (٤).

وجه الدلالة:

قالوا: دلت الآية على وجوب طلب الماء، لأنه لا يصدق عليه أنه لم يجد الماء إلا بعد الطلب، والبحث (٥).

الدليل الثاني: من جهة القياس، فإن التيمم بدل عن طهارة الماء ولا يصح فعل البدل إلا بالعجز عن المبدل، ولا يتحقق العجز إلا بعد البحث والطلب (٦).

الترجيح:

بعد عرض القولين وأدلتهما يمكننا القول بأن من تحقق عدم الماء فإنه يتيمم من غير طلب، لأن طلبه حينئذ سيكون نوعاً من العبث، وأما من كان لا يتحقق عدم الماء فإنه يلزمه طلبه والبحث عنه، لجواز أن يكون الماء بقربه ولا يعلمه، فالراجح والله أعلم القول الأول القائل بأنه لا يجب عليه طلب الماء إلا إذا غلب على ظنه وجوده أو رأى أمارات تدل عليه، لأنه عادم للماء فجاز له التيمم كما لو طلب، ولأن الأصل عدم طلب الماء ولا أمارة تزيل حكم الأصل فوجب العمل به كاستصحاب الحال (٧).


(١) المائدة:٦.
(٢) أخرجه البخاري، في التيمم، باب التيمم ضربه، ح/٣٤٨ (١/ ٧٨)، ومسلم، في المساجد، باب قضاء الصلاة الفائته واستحباب تعجيل قضائهاح/٣١٢ (١/ ٤٧٤).
(٣) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٥٣٠).
(٤) المائدة:٦.
(٥) انظر: شرح الزركشي (١/ ٣٣٠).
(٦) انظر: كشاف القناع (١/ ١٦٥)،الشرح الممتع (١/ ٣٨٦).
(٧) انظر: شرح عمدة الفقه لابن تيمية (١/ ٤٢٦).

<<  <   >  >>