للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة أصحاب القول الثاني:

الدليل الأول: عن الحسن بن علي (١) رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) (٢).

وجه الدلالة:

خشية أن يكون قد وصل إلى الماء شيء من النجاسة فيكره لاحتمال تنجسه فيبقى مشكوكاً فيه (٣).

ويناقش:

أن الأصل طهارة الماء، ولا يُنتقل عن هذا الأصل بمجرد الشك.

الدليل الثاني: أن سبب الكراهة كونه سخن بإيقاد النجاسة؛ فحصلت السخونة بفعل مكروه؛ والحاصل بالمكروه مكروه (٤).

ونوقش من وجهين:

الوجه الأول: أن الروث النجس، إذا تحول إلى دخان، صار له حكم الدخان، والدخان من مسائل الاستحالة؛ فيكون طاهراً.

الوجه الثاني: بأن الكراهة حكم شرعي يفتقر إلى دليل، ولا دليل على الكراهة (٥).

الترجيح:

الراجح والله أعلم القول الأول القائل أنه طهور غير مكروه؛ لقوة أدلتهم، ولسلامتها من المناقشة، ومناقشة أدلة القول الثاني.


(١) والحسن هو: الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو محمد الهاشمي، أمير المؤمنين، سبط رسول - صلى الله عليه وسلم - وريحانته من الدنيا ولد سنة ٣ هـ، وهو أحد سيدي شباب أهل الجنة، روى عن جده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبيه علي وأخيه الحسين، كان حليمًا ورعًا فاضلا، ولي الخلافة بعد أبيه عدة أشهر، ثم تنازل لمعاوية، وصان الله بذلك جماعة المسلمين، انصرف الحسن إلى المدينة وأقام فيها إلى أن توفي، سنة ٥٠ هـ وقيل غير ذلك. انظر: ترجمته: الإصابة (١/ ٣٢٨)،وأسد الغابة (٢/ ٩)، وصفة الصفوة (١/ ٣٤٠).
(٢) أخرجه الترمذي وصححه، في كتاب صفة القيامة و الرقائق والورع، باب رقم (٦٠) ح، ٢٥١٨ (٤/ ٦٦٨)، والنسائي كتاب الأشربة، باب الحث على ترك المشتبهات، ح، ٥٧١١ (٨/ ٣٢٧)، وصححه الألباني في الإرواء (١/ ٤٤ ح ١٢).
(٣) انظر: شرح الزركشي (١/ ١٣٢).
(٤) انظر: مجموع الفتاوى (٢١/ ٦٩،٧٠، ٦١٢)، الفتاوى الكبرى (١/ ٢٦٣).
(٥) انظر: الشرح الممتع (١/ ٣٧).

<<  <   >  >>