للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعد ذلك لم نعد نجد فرقا بين ما مدح به المادحون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبين ما مدح به شعراء الفاطميين خلفاءهم، فالمؤيد داعي الدعاة يمدح المستنصر بقصيدة، لولا القرينة لظننا أنه يمدح النبي الكريم بقوله:

تزيّن مدح المادحين بذكره ... فعنه تبدّت مدحة وثناء

إذا ما لواء الحمد زيّن أهله ... فأنت لمحمود اللّواء لواء

تباهي بك الأرض السّماء حقيقة ... فأنت لمن فوق السّماء سماء «١»

ثم دخل شعراء الفاطميين في غلوهم المستمد من العقيدة الفاطمية، وهذا الغلو هو ما قال به المتصوفة في النبي صلّى الله عليه وسلّم، وغيرهم، الذين يقولون بالحقيقة المحمدية، فالفاطميون هم أول من تجلى الله بهم واستجار بهم الأنبياء، وخدمتهم الملائكة، وفي ذلك يقول داعي الدعاة:

هم الألى بهم تجلّى ربّنا ... لخلقه سبحانه عزّ وجل «٢»

ويظهر من شعر الفاطميين تأكيد على بيان مذهبهم، وجوانب عقيدتهم، فكان التفاتهم إلى مدح النبي صلّى الله عليه وسلّم قليلا، ولولا ادعاء الفاطميين بالانتساب إليه ووراثته لما وجدنا عندهم هذه الالتفاتة العجلى، وحتى عند ما عادوا إلى الوراء، وتحدثوا عن علي ابن أبي طالب وفضائله وخلافته للرسول الكريم لم يزيدوا على ما ذكروه شيئا. فطلائع ابن رزيك الذي سرد في قصيدة له بعض أخبار علي، لم يزد في ذكر الرسول صلّى الله عليه وسلّم على ما جاء به غيره، فقال:

بال رسول الله ناجيت خالقي ... بصدق فينجي من نوب النّوائب

وبوّاني منه أمانا موسّعا ... وقد كنت أخشى أن تسدّ مذاهبي


(١) ديوان المؤيد داعي الدعاة ص ٢٣٦.
(٢) المصدر نفسه: ص ٢١٢.

<<  <   >  >>