للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويظهر أنه أراد بسرد هذه الروايات أن يثبت ما لعليّ من كرامة ومعجزات تشابه معجزات الأنبياء، ويؤكد وصول علي إلى مرتبة الأنبياء حين يجعل قصده مثل الحج، وحين يجعله علة قبول العبادات والطاعات، في قوله:

فلولا أنت لم تقبل صلاتي ... ولولا أنت لم يقبل صيامي

عسى أسقى بكأسك يوم حشري ... ويبرد حين أشربها أوامي «١»

فأين ذكر رسول الله في هذا الشعر؟ لا نجده، لأن شعراء الفاطميين كدّوا أذهانهم للإحاطة بعقائدهم وغيبياتهم التي جعلت من الخلفاء تجسيدا للسر الإلهي أو للجوهر الفرد، كما قال عمارة اليمني حين ردّ على أحد الشعراء الذي ذمّ الدولة الفاطمية:

والجوهر الفرد نور ليس يعرفه ... من البريّة إلّا كلّ من عرفا

لولا تجسّمه فيهم لكان على ... ضعف البصائر للأبصار مختطفا «٢»

لذلك أظهر الشعراء عجزهم عن الإحاطة بفضائل الفاطميين، وهذا المعنى تناقله شعراء المدائح النبوية الذين وجدوا أنفسهم مقصرين في كل ما يقولونه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فهذا عمارة اليمني يخاطب العاضد قائلا

لا يبلغ البلغاء وصف مناقب ... أثنى على إحسانها التّنزيل

شيم لكم غرّ أتى بمديحها ال ... فرقان والتّوراة والإنجيل

سير نسخناها من السّور التي ... ما شانها نسخ ولا تبديل «٣»

ولم يكتف عمارة بقوله إن القرآن مدح الفاطميين، بل زاد على ذلك ورود مدحهم


(١) ديوان طلائع بن رزيك: ص ١٣٢.
(٢) اليمني عمارة: النكت العصرية ص ٢٩٢.
(٣) المصدر نفسه: ص ٣٠٦.

<<  <   >  >>