ثم تطور حبه وارتقى، فأضحى موضوعه ذات النبي الكريم، وذلك في قصيدته التي يقول فيها:
وجاء بأسرار الجميع مفيضها ... علينا ختما على حين فترة
فعالمنا منهم نبيّ ومن دعا ... إلى الحقّ منّا قام بالرّسليّة
وعارفنا في وقتنا الأحمديّ من ... أولي العزم منهم آخذ بالعزيمة
وما كان منهم معجزا صار بعدهم ... كرامة صدّيق له أو خليفة «١»
فهو يرى الرسول حاملا للأسرار الإلهية أو ما يسميها ابن عربي جميع العلوم، وهو الذي أفاضها على أتباعه، ويتحدث ابن الفارض هنا عن المتصوفة الذين جعلوا من أنفسهم خلفاء للرسول الكريم، أخذوا عنه الأسرار الإلهية، ولذلك أضحى عالم المتصوفة نبيّا ورسولا في زمانه، تظهر على يديه الكرامات، مثلما كانت تظهر المعجزات على أيدي الأنبياء. وهذا ما تحدث عنه ابن عربي في التفريق بين الولاية والنبوة، ولم يتجاوز ابن الفارض في ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما جاء به هنا، لكنه أكثر من ذكر الأماكن المقدسة والمعاهد الحجازية، في مقدمات قصائده، وهذه المقدمات أضحت من لوازم قصيدة المدح النبوي.
وقد عارض شعراء المديح النبوي قصائد ابن الفارض، وحولوها من الوجد الصوفي إلى المديح النبوي، وخاصة قصيدتاه المشهورتان، التائية واليائية.
وما عدا ذلك استغرق ابن الفارض في مواجده الصوفية، والعشق الإلهي، حتى سمي بسلطان العاشقين.
ويظهر لنا أن المتصوفة وصلوا إلى مدح النبي الكريم على طريقتهم، وأفردوا له