للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقول لآدم أصل الجسوم ... كما أصل الرّسالة شرع نوح

وأنّ محمّدا أصل شريف ... عزيز في الوجود لكلّ روح

أنا ولد لآباء كرام ... فنوري في الإضاءة مثل يوح

فبرّ الوالدين عليّ فرض ... فيا نفسي على التّفريط نوحي

أنا بن محمّد وأنا بن نوح ... كما أني ابن آدم في الصّحيح

فيا من يفهم الألغاز هذا ... لشأن رموزنا بالعلم نوحي «١»

فابن عربي يذهب إلى أن روح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أصل أرواحنا، فهو أول الآباء روحا، وآدم أول الآباء جسما، ونوح أول رسول أرسل، ومن كان قبله إنما كان نبيا.

وهو قد ورث هؤلاء جميعا على وجه من الوجوه، وحتى لا يؤخذ كلامه مأخذا خاطئا، ويفهم على نحو يسيء رأي الناس في عقيدته، توارى خلف الرمز، وقال لسامعه أو قارئه، إن ما يقوله رموز يصعب فهمها.

وهكذا انتشر مدح رسول الله بالحقيقة المحمدية، فأضحت من لوازم المديح النبوي، يقولها الشعراء على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، وتقع على ألسنة الكتاب في خطب كتبهم، وخاصة المتصوفة منهم، مثل خطبة كتاب إيقاظ الهمم، فعند ما وصل المؤلف إلى الصلاة على النبي قال:

«والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد، منبع العلوم والأنوار، ومعدن المعارف والأسرار» «٢» .

وقد حفلت قصائد المتصوفة في مدح النبي الكريم بألفاظهم وتعابيرهم، فوصفهم


(١) ابن عربي: الفتوحات المكية ٣/ ٥٠- يوح: الشمس.
(٢) ابن عجيبة الحسيني: إيقاظ الهمم ص ٣.

<<  <   >  >>