للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على اختلاف مذاهبهم، فهو يتشوّق إلى روح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، مظهرا حبه ووجده به، فيقول:

فإن متّ من وجدي غراما بحبّكم ... فقولوا قتيل، مات وهو متيّم

فموتي حياتي في هوى ساكن الحشا ... مليح الجمال صلّوا عليه وسلّموا «١»

ويقترب الجعبري من الحقيقة المحمدية، حين يجعل الرسل جميعا، يطلبون شفاعة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم ويتوسلون به، وهذا يعني أنه موجود قبلهم، وأنهم يعرفون قدره ومكانته عند الله تعالى، فيقول:

فادم لمّا أن توسّل باسمه ... تقبّل منه ربّه كلّ دعوة

ونوح من الطّوفان نجّاه ربّه ... بدعوته من كلّ هول وكربة

ونجّى إبراهيم لمّا دعا ربّه ... وأخمدت النّيران من بعد قوّة

وموسى وعيسى بالنّبيّ توسّلا ... وعمّ البرايا فضل خير البريّة «٢»

والملاحظ أن الشاعر المتصوف يمهد لقصيدته في مدح النبي بما يمهد لقصائده في الوجد والعشق الإلهي، ويضفي على الرسول الكريم الصفات التي كان يستخدمها في قصائد التصوف للإشارة إلى الذات الإلهية حينا، وللإشادة بكبار المتصوفة حينا آخر، منطلقا من أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو أول المتصوفة وقطبهم. وهذا ما نراه في نبوية صوفية لعلي وفا «٣» قال فيها:


(١) ديوان الجعبري: ص ٢١.
(٢) المصدر نفسه: ص ٢٩.
(٣) علي وفا: علي بن محمد بن محمد القرشي، نشأ في أسرة متصوفة، اشتغل بالأدب والوعظ، وكثر أتباعه، له عدة تصانيف منها ديوان شعر وموشحات، توفي سنة (٨٠٧ هـ) . السخاوي: الضوء اللامع ٦/ ٢١.

<<  <   >  >>