للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأكد الأبيوردي، الشاعر العربي الذي عاش بعيدا عن الجزيرة العربية، هذا التوجه في حنين أهل الجزيرة إليها، فأكثر في شعره من ذكر معاهدها، وأفرد في ديوانه قسما خاصا لذلك أسماه كتاب النجديات، وجعل من الشوق للجزيرة العربية ما يؤكد به عروبته في وسط أعجمي، فقال في وصف حاله وحال راحلته بعد أن أسقط عليها ما يجد في نفسه من لواعج الحنين:

أحنّ وللأنضاء بالغور حنّة ... إذا ذكرت أوطانها بربا نجد

وتصبو إلى رند الحمى وعراره ... ومن أين تدري ما العرار من الرّند «١»

والشاعر الذي اشتهر بحنينه إلى الحجاز عامة وللمدينة خاصة هو الشريف الرضي، الذي حفل ديوانه بقصائد كثيرة، تفيض حنينا لمرابع أجداده الهاشميين، وقد اختلط حنينه هذا بشعور ديني إلى المقدسات التي تضم رفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورفاة أجداده العلويين، وشاب هذا الحنين طموح سياسي، بوصول آل البيت إلى حقهم في الخلافة، ومن هنا كثر ذكر الأماكن المقدسة في شعره وشعر المتشيعين، ومن ذلك قوله:

سقى الله المدينة من محلّ ... لباب الماء والنّطف العذاب

وجاد على البقيع وساكنيه ... رخيّ الذّيل ملآن الوطاب

صلاة الله تخفق كلّ يوم ... على تلك المعالم والقباب «٢»

وقد وصل في حجازياته هذه إلى قصائد رائعة، أظهر فيها مقدرته الفنية، وأوضح مشاعره العارمة، وما يجول في نفسه من أفكار وعواطف، فقال في إحداها يخاطب محبوبته المزعومة:


(١) ديوان الأبيوردي: ٢/ ١٦٧.
(٢) ديوان الشريف الرضي: ١/ ٩١.

<<  <   >  >>