للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لولا الحمى وظباء بالحمى عرب ... ما كان في البارق النّجدي لي أرب

وفي رياض بيوت الحيّ من إضم ... ورد جنيّ ومن أكمامه النّقب

وبي لدى الحلّة الفيحاء غصن نقا ... يهفو فيجذبه حقف فينجذب

أعاهد الرّاح أنّي لا أفارقها ... من أجل أنّ الثّنايا شبهها الحبب «١»

فالمتصوفة أكثروا من ذكر الأماكن المقدسة، ومزجوه بالغزل الرمزي، وهم دائمو الحنين إليها، لأنها تحمل عندهم قيما سامية، ترمز إلى أحوال غيبية، ولأنها شهدت وحي السماء وحياة قطب الأقطاب، سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم لذلك أخذ الحج عندهم مقاما يفوق مناسكه المعروفة، مثل غيره من العبادات، التي لا يقفون عند أدائها الظاهر، وإنما يتعدون ذلك إلى سرّها أو باطنها كما يقولون. فكانوا يتشوّقون لمكة، ويتحسرون إذا فاتتهم زيارتها.

وتكون الحسرة على أشدها، حين يرى المشتاق نياق الحجيج، وقد عادت براكبيها الذين فازوا برضا الله تعالى وزيارة بيته، وضريح رسوله، وتمتعوا بمشاهدة الأماكن المقدسة، وتقلبوا بين مشاهدها، فيقول:

يا نياق الحجيج لا ذقت سهدا ... بعدها لا ولا تجشّمت وخدا

لا فدينا سواك بالرّوح منّا ... أنت أولى من بات بالرّوح يفدى

يا بنات الذّميل كيف تركتن ... ن شعاب الغضا وسلع ونجدا

مرحبا مرحبا وأهلا وسهلا ... بوجوه رأت معالم سعدى «٢»


(١) الصفدي: الوافي بالوفيات ٤/ ٥٦.
(٢) ابن شاكر: فوات الوفيات ٣/ ٢٥.

<<  <   >  >>