للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما هزّني طرب إلى رمل الحمى ... إلّا تعرّض أجرع وعقيق

شوق بأطراف البلاد مفرّق ... يحوي شتيت الشّمل منه فريق «١»

ويرسل الشعراء أشواقهم وحنينهم إلى الأرض المقدسة، حينما يكونون بعيدين عنها، ولا يستطيعون الوصول إليها، مرة يحملونها للراحلين إلى الحجاز للحج أو للعمرة أو للتجارة أو لأي شأن من شؤون الدين والدنيا، ومرة أخرى يحملونها للبرق والنسيم، فحين يشاهد الشاعر البرق يومض من جهة الحجاز يتذكر المرابع التي يتحرق شوقا لرؤيتها، فيخاطبه بقوله:

أعديا برق ذكر أهيل نجد ... فإنّ لك اليد البيضاء عندي

أشيمك بارقا فيضلّ عقلي ... فواعجبا تضلّ وأنت تهدي «٢»

وافتنّ الشعراء كذلك في تحميل النسيم أشواقهم وحنينهم إلى معاهد الحجاز ومشاهده، وجعلوها تشاركهم في وجدهم ومحبتهم للأماكن المقدسة، مثل الحاجري «٣» الذي جعل النسيم مهيجا لأشجانه، وحاملا لسلامه إلى أهل البقاع الطاهرة، فقال:

هيّجت وجدي يا نسيم الصّبا ... إن كنت من نجد فيا مرحبا

جدّد فدتك النّفس عهد الصّبا ... بذكرك الحيّ وتلك الرّبا

إن المقيمين بسفح اللّوى ... من لا أرى لي عنهم مذهبا

أبقوا الأسى لي بعدهم مطمعا ... والدّمع حتى نلتقي مشربا «٤»


(١) الصفدي: الوافي بالوفيات ٢/ ١١٢.
(٢) ابن شاكر: فوات الوفيات ٣/ ٢٣٧.
(٣) الحاجري: عيسى بن سنجر بن بهرام، شاعر تركي الأصل من أهل إربل، له ديوان شعر، توفي سنة (٦٣٢ هـ) ابن خلكان: وفيات الأعيان ١/ ٣٩٨.
(٤) ديوان الحاجري: ص ١٩.

<<  <   >  >>