للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو نبييّ هو شفيعي يا مولاي ... غدا من النّار القويّا

أنطق النّخل بفضله يا مولاي ... وله وجه مضيّا

أنفه أقنى كسيف يا مولاي ... والحواجب أنوريّا «١»

ولا أظن أن هذا شعر يقال في سيد الخلق. وهكذا يسير المولد من نثر إلى شعر، حتى يختم بدعاء معهود.

ويضاف إلى ذلك أن الشعر الذي يرد في الموالد النبوية، والذي فرضه سياق المولد وظروف قراءته، لم يشكل بمجموعه شعرا خاصا متميزا، ولم يطل مؤلف المولد النظر فيه، وهو غالبا لا يجيد الشعر ولا يعرف منه غير الشكل الخارجي، وهو لم ينظمه ليكون شعرا في مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإنما استكمالا لشكل المولد، وإشباعا لحاجته الإيقاعية، ولمّا كان موضوع المولد هو قسم من حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإن أي شعر يدرج في هذا المولد يجب أن يكون قريبا من هذا الموضوع، وبالتالي فهو يتحدث عن النبي الكريم، فهو شعر نبوي جاء من وحي الموضوع وليلائم المكان الذي يوضع فيه.

صحيح أن المولد النبوي شيء يتردد بين التأريخ لشطر من حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وبين تمجيده والثناء عليه ومدحه إلا أنه لم يكن خالصا للمديح النبوي، وظل على شيء من الاختلاف عن المديح النبوي كما عرفناه في العصر المملوكي وفي العصور التي سبقته.

والمولد الذي يقرب ما جاء فيه من المديح النبوي هو مولد عائشة الباعونية «٢» ، التي


(١) مولد ابن حجر: ص ١٤.
(٢) عائشة الباعونية: عائشة بنت يوسف بن أحمد الباعوني، شاعرة أديبة فقيهة، ومولدها ووفاتها بدمشق، رحلت إلى مصر وزارت حلب، من مؤلفاتها (المورد الأهنى في المولد الأسنى) وديوان شعر، توفيت سنة (٩٢٢ هـ) . ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب ٨/ ١١١.

<<  <   >  >>