للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد خالط الحلم سجايا طبعه ... كمثل ما قد خالط الثّوب السّتا «١»

ولم يؤخذ بعزته ونصره، ومواهب الله له، بل ظل متواضعا، ليّن الجانب للمؤمنين والضعفاء والفقراء:

زيّنه تواضع على علا ... فما ازدهى بعزّة ولا نخا «٢»

أما شجاعته، فيضرب بها المثل، لا يخشى في سبيل الله عدوا، ولا تساور نفسه رهبة، إذا حمي الوطيس تحامى أصحابه به، فوضع الله الرعب في قلوب أعدائه، لا يعرفون عند لقائه محيصا، وقد قال فيه الشهاب المنصوري «٣» عند ما مدحه:

لك رعب في قلب كلّ عدّو ... كسنا البيض والقنا المهزوز «٤»

وقد أفاض شعراء المدائح النبوية في الحديث عن شجاعة رسول الله وبطولته، واقتحامه غمرات الحرب ليحفزوا همم معاصريهم على الجهاد، فالصرصري الذي قتل في سقوط بغداد على يد التتار، وصف رسول الله في إحدى مدائحه بقوله:

إذا انبرى لغارة ... شهباء ذات شرر

جلا قتام نقعها ... بصارم ذي أثر «٥»

إلا أن شعراء المديح النبوي لم يقفوا عند كل فضيلة من فضائل النبي طويلا، بل ذكروا هذه الفضائل بعضها مع بعض دون تفصيل، فيكفي أن يشار إلى هذه الفضائل، لينتشي السامعون بعبقها، ولم يدّع شعراء المدائح النبوية أنهم جلوا فضائل رسول الله


(١) المقري: نفح الطيب ٧/ ٣٠٨.
(٢) المصدر نفسه: ٧/ ٣١٠.
(٣) الشهاب المنصوري: أحمد بن خضر، ابن الهائم، شاعر عصره. كان متعففا عن الناس. توفي سنة (٨٨٧ هـ) . ابن إياس: بدائع الزهور ٣/ ١٩٤.
(٤) السيوطي: نظم العقيان ص ٨٠.
(٥) ديوان الصرصري: ورقة ٣٥.

<<  <   >  >>