للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما ما أنكره، فمنه حديث نطق الذئب، حيث قال: «لماذا انفردت الذئاب وحدها بإرسال وافدها.. الحديث وأشباهه، تشبه أن تكون من أسمار الرعاة» «١» .

وذهب هذا المذهب في نظرته إلى روايات إحياء الموتى وكلامهم، وقال إنها موضوعة «٢» .

وشكّك أيضا بأحاديث حياته صلّى الله عليه وسلّم في قبره «٣» .

وقد قال الدكتور زكي مبارك عن مثل هذه الأخبار: «بعض أخبار المعجزات يحتاج إلى تحقيق.. فهي مسائل يحتاج عرضها إلى مخاطرة، وهي مخشية الضر قبل أن تكون مرجوة النفع» «٤» .

ويبدو أن مثل هذه الأحاديث والروايات كانت موضع جدال بين علماء الدين، وهذا ما ذكره السيوطي في مقاماته، وذكره الشاعر ابن ناصر الدين الدمشقي، وقبل فيه الأحاديث الضعيفة إذا كانت تتعلق بقدرة الله عز وجل وحباء رسوله بالمعجزات، فقدرة الله لا حد لها، وكرمه على عباده لا حد له، وكأن هذه القدرة الكلية، وهذا الكرم المتناهي، يغفران التزيّد والتقوّل في الدين، أو كأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بحاجة إلى مثل هذه الأحاديث، ليزيد تقدير المؤمنين له، أو ليزيد عدد المؤمنين برسالته.

ويظهر أن معظم شعراء المديح النبوي لم يلتفتوا إلى هذا الجدل حول معجزات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأخذوها جميعها، وأدرجوها في مدائحهم النبوية، وربما كان ميل الشعراء إلى المبالغة، قد وجد ضالته في مثل هذه الأحاديث، فالقاضي المحدث


(١) السيوطي: الخصائص الكبرى ٢/ ٢٧٠.
(٢) المصدر نفسه: ٢/ ٢٨١.
(٣) المصدر نفسه ٣/ ٣٠٤.
(٤) د. مبارك زكي: المدائح النبوية في الأدب العربي ص ١٩٠.

<<  <   >  >>