للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رفيق الرّوح بالجسم ارتقى في ... طباق حفّ فيها بالهناء

علا ودنا وجاز إلى مقام ... كريم خصّ فيه بالاصطفاء

ولم ير ربّه جهرا سواه ... لسرّ فيه جلّ عن امتراء «١»

والبيت الأخير يشير إلى خلاف آخر بين العلماء حول رؤية رسول الله لربه عيانا، فرجّحه بعضهم، ومنهم ابن حجر، والسيوطي في كتابه (الآية الكبرى) «٢» .

وتباين شعراء المديح النبوي في طريقة تناولهم لمعجزة الإسراء والمعراج، وفي اتساعهم في الحديث عنها، فالبوصيري عرض لهذه المعجزة في همزيته فقال:

فصف اللّيلة التي كان للمخ ... تار فيها على البراق استواء

وترقّى به إلى قاب قوسي ... ن وتلك السّيادة القعساء

رتب تسقط الأمانيّ حسرى ... دونها ما وراءهنّ وراء «٣»

وهو يشدّد على مكانة الرسول الكريم عند ربه، والتي لا يدانيه فيها أحد، ولولا هذه المكانة ما قرّ به الله هذا القرب، وما عرّج به إلى ملكوته، ويرى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بإسرائه ومعراجه أضحى في مرتبة سامية متفرّدة.

وأشار في قصيدة أخرى إلى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد كشف عنه الحجاب أثناء إسرائه ومعراجه، وحاز العلوم الإلهية كلها، وهذا ما يشغل المتصوفة من حادثة الإسراء والمعراج، وما يسعون إليه في طريقتهم، ولذلك جعلوا رسول الله صاحب مذهبهم ورأس طريقتهم، فقال:


(١) المجموعة النبهانية: ١/ ١٦٨.
(٢) السيوطي: الآية الكبرى ص ٤٥.
(٣) ديوان البوصيري: ص ٥٤.

<<  <   >  >>