للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آيات حقّ من الرّحمن محدثة ... قديمة، صفة الموصوف بالقدم

دامت لدينا ففاقت كلّ معجزة ... من النّبيّين إذ جاءت ولم تدم

ردّت بلاغتها دعوى معارضها ... ردّ الغيوريد الجاني عن الحرم

قرّت بها عين قاريها فقلت له ... لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم

إن تتلها خيفة من حرّ نار لظى ... أطفأت نار لظى من وردها الشّبم «١»

والمعجزة التي ذكرها مدّاح النبي جميعا، وأفاضوا في الحديث عنها، هي معجزة الإسراء والمعراج، والتي ألّفت فيها كتب خاصة، وتحدثت عنها كتب السيرة والخصائص والدلائل، فعكس شعراء المدائح النبوية هذا الاهتمام، وخاصة أصحاب التوجه الصوفي منهم، لأنها تمثّل الاتصال المباشر بين الأرض والسماء، والمتصوفة يريدون من وراء طريقتهم إقامة صلة لهم بالسماء، والحادثة المقدسة مناسبة للتوسع في الحديث عن الغيبيات التي كلف بها المتصوفة، لذلك اختلفت روايات الإسراء والمعراج، وتباينت آراء الفقهاء في طريقة حدوثها، فقال السيوطي عن هذا التباين: «اختلف في المعراج والإسراء، هل كانا في ليلة واحدة أم لا؟ وأيّهما كان قبل الآخر؟ وهل كان في اليقظة أم في المنام، أو بعضه في اليقظة وبعضه في المنام؟ وهل كان مرّة أو مرتين أو مرات؟

فذهب الجمهور من المفسرين والمحدّثين والفقهاء والمتكلمين إلى أنهما وقعا في ليلة واحدة، في اليقظة، وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة» «٢» .

ولذلك يقول ابن حجر «٣» في إحدى مدائحه النبوية:

سرى للمسجد الأقصى بليل ... من البيت الحرام إلى السّماء


(١) ديوان البوصيري: ص ٢٤٤.
(٢) السيوطي: الآية الكبرى ص ٣٠.
(٣) ابن حجر: أحمد بن علي بن محمد العسقلاني، عالم عصره وحافظ الحديث فيه، له مصنفات جليلة في الحديث والتاريخ منها (فتح الباري بشرح البخاري) . توفي سنة (٨٥٢ هـ) . السخاوي: الضوء اللامع ٢/ ٣٦.

<<  <   >  >>