للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نور فليس له ظلّ يرى وله ... من الغمامة أنّى سار تظليل

ولا يرى في الثّرى أثر لأخمصه ... إذا مشى وله في الصّخر توحيل «١»

ويدعو في قصيدة أخرى إلى التصديق بمعجزات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فيقول:

صدّق بما حدّثت عنه ففي الورى ... بالغيب عنه مصدّق ومكذّب

فاطرب لتسبيح الحصى في كفّه ... فمن السّماع لذكره ما يطرب

والجذع حنّ له وبات كمغرم ... قلق بفقد حبيبه يتكرّب

واهتزّ من فرح (ثبير) تحته ... ومن الجبال مسبّح ومؤوّب

وشفى جميع المؤلمات بريقه ... يا طيب ما يرقي به ويطيّب «٢»

فالبوصيري متفرّد في تحريك عرضه للمعجزات، عن طريق التمثيل والتشبيه والتعقيب وإظهار مشاعره، ونادرا ما نجد شاعرا يجاريه في هذه المقدرة. وظل الشعراء يذكرون المعجزات، فلا يخرجون عن تعدادها، ونظمها وراء بعضها، وكأن الشاعر يقرر علما من العلوم.

وأكبر معجزات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هي القرآن الكريم، ومع ذلك فإن بعض شعراء المديح النبوي، لم يتسعوا في ذكرها اتساعهم في ذكر غيرها، لكن بعضهم بسط القول فيها، مثل البوصيري الذي أسهب في الحديث عنها وعرض مزايا القرآن الكريم ووجوه إعجازه.

فتحدث في بردته عن آيات القرآن الكريم وفضلها وخلودها وأثرها في الناس، فقال:


(١) ديوان البوصيري: ص ٢٢٤.
(٢) المصدر نفسه: ص ٩٠.

<<  <   >  >>