للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبذلك قرروا أن «نبينا صلّى الله عليه وسلّم أفضل هذا الأفضل، فهو أفضل مخلوق وأكمله» «١» .

وقد أظهر الدكتور زكي مبارك امتعاضه من المبالغة في تفضيل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على سائر إخوته من الأنبياء، فحين عقّب على قول البوصيري:

فإنّه شمس فضل هم كوكبها ... يظهرن أنوارها للناس في الظّلم

قال: «هذا المعنى ينافي الأدب الجميل في رعاية حقوق الأنبياء، وهو يساير به نزعة ساذجة لا يقرها عقل، ولا يدعو إليها دين، وليس ممّا ينقص مجد النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يكون لمن سبقوه من الأنبياء شخصية مستقلة عنه كل الاستقلال» «٢» .

أخذ شعراء المديح النبوي أحاديث تفضيل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الأنبياء ورواياته، ونظموها في مدائحهم النبوية، موضحين مظاهر هذا التفضيل وجوانبه.

فالبوصيري جعل تفضيل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على غيره من الرسل، قائما على المفاضلة بين معجزاتهم ومعجزاته، فقال:

وكلّ آي أتت الرسل الكرام بها ... فإنّما اتّصلت من نوره بهم

فإنّه شمس فضل هم كواكبها ... يظهرن أنوارها للناس في الظّلم «٣»

فجرّد الرسل الكرام من معجزاتهم، ونسبها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأن الرسل استمدوها من نوره، وهو بالنسبة إليهم كالشمس ترسل نورها إلى الكواكب التي تعكس هذا النور، ولهذا فالرسل الكرام توسلوا إلى الله به، وهذا ما أشار إليه الشهاب محمود في قوله:


(١) ابن الزملكاني: عجالة الراكب، ورقة ٨٦.
(٢) مبارك، زكي: المدائح النبوية في الأدب العربي ص ١٨٩.
(٣) ديوان البوصيري: ص ٢٤٢.

<<  <   >  >>