فالبوصيري لم يترك مدحة نبوية من مدائحه، دون أن يودعها التوسل بالنبي والتشفع به ليرتاح مما ينغّصه في الدنيا ومما يخشاه في الآخرة، وكان في معظم تشفعه ذاتيا، إلا أنه شمل جميع المسلمين في دعواته أحيانا وظل في حدود الدين والعبادة، ولم يطلب في توسله شيئا يتعلق بعصره، غير أنه افتّنّ في طريقة عرضه للصلاة على النبي الكريم.
في حين نجد الصرصري الذي عاصر البوصيري، والحروب الصليبية، وترقب غزو المغول، وقتل على أيديهم يتوسل برسول الله صلّى الله عليه وسلّم لنصرة العرب والمسلمين، وردّ المعتدين، ورفع الخلاف والفتن من الأمة، فربط بذلك بين المديح النبوي وبين عصره، وما يشغل الناس في أيامه، إلى جانب ما طلبه لنفسه من مغفرة ومعافاة وعافية، فقال في إحدى قصائده متوسلا بالنبي ليرفع عن أمته فتنة التتار، ويجبر كسرها:
سل جبر أمّتك الكسيرة إنّه ... لم يبق في قوس التّجلّد منزع