للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يبعد ابن حجة «١» في توسله عن غيره من شعراء المديح النبوي، فيختتم مدائحه النبوية بطلب الشفاعة للخلاص من ذنوبه، ويفتنّ في عرض هذا المعنى، وفي الصلاة على النبي، فيقول في إحدى مدائحه النبوية:

عسى وقفة أو قعدة لابن حجّة ... على بابكم يسعى بها وهو محرم

فقد جاء يشكو من ذنوب تعاظمت ... وقدرك في يوم الشّفاعة أعظم

فيا وردنا الصّافي طيور قلوبنا ... عليك إذا ما نابها الضّيم حوّم «٢»

فالتوسل برسول الله، ذكره جميع شعراء المدائح النبوية، ولم تخل قصيدة نبوية من طلب شفاعة النبي الكريم، فأضحى التوسل والتشفع أحد أركان المدحة النبوية، ومن لوازمها، بل أخذ الشعراء يطلبون من الناس أن يتشفعوا برسول الله عند ما يحزمهم الكرب، وتضيق بهم الحياة، ويظهرون منافع التوسل، مثل قول السوفي «٣» :

بجاه النّبيّ المصطفى أتوسّل ... إلى الله فيما أبتغي وأؤمّل

وأقصد باب الهاشميّ محمّد ... وفي كلّ حاجاتي عليه أعوّل

إذا مسّني ضيم أنوّه باسمه ... فيدفع ذاك الضّيم عني وينقل «٤»

ويلاحظ أن شعراء المديح النبوي أخذوا يدعون الناس إلى زيارة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والتوسل به، والاستغاثة من ذنوبهم، وكأنهم بذلك يريدون تعميم التوسل بالنبي، وأن


(١) ابن حجة: أبو بكر بن علي بن عبد الله، إمام أهل الأدب في عصره، شاعر منشئ له عدة مؤلفات، ت (٨٣٧ هـ) . السخاوي: الضوء اللامع ١١/ ٥٣.
(٢) ابن حجة: خزانة الأدب ص ٤٦٦.
(٣) السوفي: محمد بن محمد بن عبد الله، ولد بالمدينة وسافر إلى الشام وماردين، اشتغل بالعلم يسيرا، وله نظم، توفي سنة (٨٨٥ هـ) . السخاوي: الضوء اللامع ٩/ ١١٥.
(٤) السخاوي: الضوء اللامع ٧/ ٢٥١.

<<  <   >  >>