للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له حاجاته في الدنيا، ويثيبه الله تعالى عليه بالمغفرة والأجر يوم القيامة، فنراه في إحدى مدائحه النبوية يستجير برسول الله صلّى الله عليه وسلّم بحرارة وورع، ويقول:

يا سيّدي يا رسول الله خذ بيدي ... في كلّ هول من الأهوال ألقاه

يا عدّتي يا نجاتي في الخطوب إذا ... ضاق الخناق لخطب جلّ بلواه «١»

فالبرعي يخصص لنفسه قدرا كبيرا من المدحة النبوية، يناجي به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويطلب منه ما يرفع الكرب عنه، ويستجير به من ذنوبه، ويطلب شفاعته، ليتخلص من أدران الحياة الدنيا، وليتخلص من ذنوبه، يوم يعرض على الحساب في الآخرة، وهذا دأب البرعي في كل قصائده النبوية، فميله إلى التصوف جعله ينحو منحى المناجاة والدعاء والتوسل في مدائحه النبوية، ويستشعر عظم ذنبه، ويتوسل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لغفرانه، ويتسع في طلبه، فلا يقتصر على نفسه وعلى أهله فقط، بل ربما استجار برسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مدائحه، ليحقق غرضا من أغراض الدنيا والآخرة لأحد معارفه، مثلما فعل في تخميس له، جعل الشطر الخامس لازمة للصلاة على النبي، فقال:

يا خير مبعوث لأكرم أمّة ... أنت المؤمّل عند كلّ ملمّة

فاعطف على عبد الرّحيم برحمة ... فغمام فضلك فيضه متسجّم

فبحقّه صلّوا عليه وسلّموا

وابن الوهيب سميّك أحمدا ... وأغثه في الدّارين يا علم الهدى

واجمع بنيه ووالديه بكم غدا ... فلأنت حصن للسّميّ وملزم «٢»

فبحقّه صلّوا عليه وسلّموا


(١) ديوان البرعي: ص ٥١.
(٢) المصدر نفسه ص ٥٥.

<<  <   >  >>