للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك الأمر في رأي ابن حجر الذي جعل التسليم بحقيقة العجز عن مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من المتعين على كل مكلّف، لكنه دعا إلى مدحه والتفنّن في ذلك على الرغم من استحالة الإحاطة بأوصاف الذات المحمدية، فقال: «وصحّ لمحبيه أن ينشدوا فيه:

وعلى تفنّن واصفيه بوصفه ... يفنى الزّمان وفيه ما لم يوصف» «١»

إلّا أنّ التعبير عن التقصير في إعطاء رسول الله حقه من المديح، لم يكن كل ما تحدث به شعراء المديح النبوي عن مديحهم للنبي الكريم، بل أظهروا غايتهم من هذا المديح الذي يتلخص في طلب الغفران ورضا الله تعالى ورسوله الأمين.

فالواعظ البغدادي «٢» بعد أن أظهر عجزه عن الإحاطة بفضائل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مدحه، جعل هذا المدح ذخرا له يوم القيامة، فقال:

مدحتك لا أنّي بمدحك قائم ... ومن ذا بإحصاء الرّمال يقوم

مديحك ذخري ثم زادي وعدّتي ... ليوم به يجفو الحميم حميم «٣»

ولم يبعد البوصيري عن هذه الغاية في مدحه للنبي الكريم، فأفصح عنها أكثر من مرة، وقال في إحدى مدائحه النبوية:

أمدائح لي فيك أم تسبيح ... لولاك ما غفر الذّنوب مديح

حدّثت أنّ مدائحي في المصطفى ... كفّارة لي والحديث صحيح «٤»

وعبّر النواجي عن ولعه بمديح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذي ملك عليه نفسه، ومنحه الطمأنينة بالمغفرة والإثابة، فقال:


(١) ابن حجر: المنح المكية ص ٣.
(٢) الواعظ البغدادي: محمد بن رشيد المعروف بالوتري، من أهل غرناطة، عرف بمديحه النبوي، حج سنة (٦٦١ هـ) . المقري: نفح الطيب ٥/ ٢٤٢.
(٣) الواعظ البغدادي: ص ٢٨.
(٤) ديوان البوصيري: ص ١٠٣.

<<  <   >  >>