للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصنت عن الخليقة حرّ وجه ... بهم ما زال في تعب وعتب

ليصفو بامتداح علاكك عيشي ... ومن جدوى يديك يطيب كسبي

وأنقل في الثّرى من ضيق لحد ... لقصر في ذرا الجنّات رحب

فنيت فليس فيّ سوى لسان ... بذكرك يا جميل الذّكر رطب «١»

فالشعراء أبدوا كلفهم بالمديح النبوي، وارتياحهم لنظمه، فوصفوه وصفا ماديا ومعنويا، أظهر تعلقهم بذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

فالبوصيري خاطب نفسه، وحبّذ لها مدح النبي صلّى الله عليه وسلّم، لأن مدحه مسك للروح، وعبير للسامع، وهو في ذلك يظهر أثر المدائح النبوية على الناظم والسامع، فقال:

يا نفس دونك مدح أحمد إنّه ... مسك تمسّك ريحه والرّيح

ونصيبك الأوفى من الذّكر الذي ... منه العبير لسامعيه يفوح «٢»

وإذا انتشى البوصيري من عبق طيب المديح النبوي، فإن غيره قد ثملوا وسكروا بهذا المديح، وليس السكر الذي يعرفه طلاب الملذات، وإنما هو السكر الذي تحدث عنه المتصوفة، السكر بحب الله تعالى ورسوله، والذي تحدث عنه الواعظ البغدادي في قوله:

ثملنا سكرنا من مديح محمّد ... أعده علينا فالمسّرات تحدث «٣»

وأوضح الحلّي ما تتركه المدائح النبوية في نفوس السامعين، فقال في إحدى مدائحه النبوية:


(١) المجموعة النبهانية: ١/ ٤٦٩.
(٢) ديوان البوصيري: ص ١٠٣.
(٣) الواعظ البغدادي: معدن الإفاضات ص ٨.

<<  <   >  >>