للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قصائد الغزل الخالص، مثل معاني الاستسقاء لماضي الزمان، والتلهف على أحوال سالفة، فقول ابن نباتة:

سقى الله أكناف الغضا سائل الحيا ... وإن كنت أسقى أدمعا تتحدّر

وعيشا نضا عنه الزّمان بياضه ... وخلّفه في الرّأس يزهو ويزهر «١»

يذكرنا بقول الشاعر:

سقى الله أياما لنا ولياليا ... مضين فلا يرجى لهنّ طلوع

إذ العيش صاف والأحبّة جيرة ... جميع وإذ كلّ الزّمان ربيع «٢»

ولو تتبعنا المعاني التي استقاها شعراء المديح النبوي من الشعر العربي القديم، لأعجزنا ذلك، فلا توجد مدحة نبوية إلا وفيها معنى من معاني الشعراء السابقين، وربما تجاوز الشاعر المعنى إلى التعبير الأصلي، أو ما يقرب من التعبير الأصلي، فنتذكر المعنى وصاحبه، فابن سيد الناس «٣» قال في مدحة نبوية:

لو لم أر الموت عذبا في الغرام بكم ... ما شاقني لحسام البرق تقبيل «٤»

فما نكاد نتم البيت الأول حتى يقفز إلى ذاكرتنا معنى عنترة بن شداد، حين يخاطب محبوبته بقوله:

ووددت تقبيل السّيوف لأنّها ... لمعت كبارق ثغرك المتبسّم «٥»

ومثل هذا كثير في المدائح النبوية، يفيد مادحو النبي من معاني القدماء، وينقلونها


(١) ديوان ابن نباتة: ص ١٨٠.
(٢) الراغب الأصفهاني: محاضرات الأدباء ٢/ ٢٥.
(٣) ابن سيد الناس: محمد بن محمد اليعمري، كان حافظا للحديث فقيها، حسن التصنيف شاعرا، له (السيرة النبوية) و (بشرى الكئيب بذكر الحبيب) ، توفي سنة (٧٣٤ هـ) . ابن شاكر: فوات الوفيات ٣/ ٢٨٧.
(٤) المجموعة النبهانية: ٣/ ٦٠.
(٥) ديوان عنترة: ص ١٥٠.

<<  <   >  >>