للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمثلما رأى ابن حجة في قصيدة المعري أن معانيها تستحق أن تقال في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، رأى صاحب سكردان السلطان ذلك حين قال:

كان صلّى الله عليه وسلّم في الفخر والعلا أحق بقول أبي العلاء:

وإنّي وإن كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تستطعه الأوائل «١»

وإذا كان شعراء المديح النبوي قد أخذوا بعض معانيهم من الشعر العربي القديم، ونقلوا هذه المعاني إلى المديح النبوي، فمن الأولى أن يأخذوا معانيهم من قصائد المديح النبوي السابقة والمشهورة، وخاصة أنهم يكررون المعاني نفسها، أو أن يأخذوا بعض معانيهم من قصائد قريبة في موضوعها من المديح النبوي، مثل قصائد التصوف أو التشوق للمقدسات، وهذا ما فعلته عائشة الباعونية حين نظمت إحدى مدائحها النبوية معارضة لقصيدة في التصوف لابن الفارض، وهي اليائية، فأخذت بعض معانيها، وقالت:

سعد إن جئت ثنيّات اللّوى ... حيّ عنّي الحيّ من آل لؤي

واجر ذكري وإذا صفوا له ... صف لهم ما قد جرى من مقلتي

ذبت حتّى كاد شخصي يختفي ... عن جليسي فكأنّي رسم في «٢»

وقد أخذ شعراء المدائح النبوية يعارض بعضهم بعضا، ويأخذون معاني بعضهم، وخاصة معاني القصائد المشهورة، مثل بردة كعب بن زهير، التي عارضها البوصيري في قصيدته التي سمّاها (ذخر المعاد في وزن بانت سعاد) ، صرّح فيها بمعارضته لكعب، وقارن بين قصيدته وقصيدة كعب، فقال:


(١) ابن أبي حجلة: سكردان السلطان ص ٣٤٨.
(٢) ديوان الباعونية، ورقة ٢.

<<  <   >  >>