للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن أخذ شعراء المدائح النبوية للمعاني من الشعر العربي لا يقلل من مقدرة شعراء المدائح النبوية، ولا يقدح في موهبتهم وثقافتهم، فهذه سنّة الشعر والأدب عند كل أمة، يا بني الجديد علي القديم، ويضيف إليه معاني جديدة، والمعاني التقليدية أو التي استعارها شعراء المدائح النبوية من الشعر العربي ليست معاني المديح النبوي كلها، بل هي نسبة ضئيلة من معاني المدح النبوي التي أخذها مدّاح النبي من سيرته العطرة، وحديثه الشريف، وقبل كل ذلك من القرآن الكريم. فنجد المعنى القرآني بالتعبير القرآني يزين قصائد المديح النبوي، ويعطر موضوعاتها، فالصرصري مثلا يفتتح إحدى مدائحه النبوية قائلا:

سبحان من رفع السّماوات العلا ... سبعا وزان السّقف بالأبراج

وأطاح بالقمر المنير ظلامها ... وأضاءها بسراجها الوهّاج

وبأمره البحران يلتقيان لا ... يبغي على عذب مرور أجاج

والفلك سخّرها لمنفعة الورى ... فجرين فوق المزبد العجّاج «١»

ومضى الصرصري في تسبيحه، وكأنه ينظم المعاني القرآنية، حتى إذا وصل إلى المديح النّبوي ظل يقتبس المعاني القرآنية، ويمزجها بالمعاني المستقاة من السيرة الكريمة، فقال:

وهو المسمّى في القران بشاهد ... وبمنذر ومبشّر وسراج

أسرى من البيت الحرام به إلى ... أقصى مساجده بليل داج «٢»


(١) ديوان الصرصري: ورقة ٢٢.
(٢) ديوان الصرصري: ورقة ٢٢.

<<  <   >  >>