للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا صاح دعني من ذكر الحبيب ومن ... بانت سعاد فقلبي اليوم متبول «١»

وهكذا تعاور شعراء المديح النبوي معانيهم ومعاني الشعراء الذين سبقوهم، مثل أخذ ابن نباتة عن كعب بن زهير وابن سينا في قوله:

بانت سعاد فليت يوم رحيلها ... فسح اللّقا فلثمت كعب مودّعي

بعد الحواميم التي بثنائها ... هبطت إليك من المحلّ الأرفع «٢»

وإذا دققنا في معاني شعراء المديح النبوي، وأرجعناها إلى أصولها في الشعر العربي، نرى أن مدّاح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد استقوا معاني كثيرة، يصعب حصرها، فإذا ما تذكرنا مطلع بردة البوصيري التي أضحت مثل اللازمة عند شعراء المديح النبوي المتأخرين، وهو:

أمن تذكّر جيران بذي سلم ... مزجت دمعا جرى من مقلة بدم «٣»

نجد شبيها لهذا المعنى أو أصلا له في قول الشاعر المتقدم:

مزجت دموع العين من ... ني يوم بانوا بالدّما

وكأنّما مزجت بخد ... دي مقلتي خمرا بما «٤»

أو في قول أبي علي النهرواني المتوفي سنة (٥٢٥ هـ) :

قل لجيران بذي سلم ... لم تسامحتم بسفك دمي «٥»


(١) ديوان ابن مليك الحموي: ص ٢٦.
(٢) ديوان ابن نباتة ص ٢٩٠.
(٣) ديوان البوصيري: ص ٢٣٨.
(٤) الراغب الأصفهاني: محاضرات الأدباء ٢/ ٣٤.
(٥) الصفدي: الوافي بالوفيات ١٢/ ٣٤.

<<  <   >  >>