للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على ألفاظها، جاءت قصائدهم خافتة الجرس، بطيئة الإيقاع، باهتتة الموسيقا، وكذلك قصائد الشعراء العلماء الذين لم يعانوا النظم طويلا، ولم يمتلكوا موهبة شعرية كبيرة، وطال اشتغالهم في علومهم، فقصائدهم تميل إلى النثرية وأدى قصرهم للروايات على الدخول ضمن الشكل الشعري إلى الإخلال بائتلاف المعنى مع الوزن، الذي يقتضي أن «تأتي المعاني في الشعر على صحتها، لا يضطر الشاعر الوزن إلى قلبها عن وجهها، ولا خروجها عن صحتها» «١» .

لكن شعراء المدح النبوي لم يكونوا جميعا على مثل هذه الحال، فكان كثير منهم أصحاب مواهب كبيرة أصيلة، وكانوا يذهبون في شعرهم مذاهب الشعراء الذين سبقوهم، فنظموا الأراجيز، والقصائد ذات البحور القصيرة الرشيقة، مثل قول الصرصري من مشطور الرجز:

الحمد لله على الجسيم

من فضله المختصّ والعميم

أرشدنا للمنهج القويم

بعبده ذي المنظر الوسيم

محمّد ذي الخلق العظيم

عليه منه أفضل التّسليم «٢»

فالإيقاع واضح، والوزن ظاهر، والموسيقا بارزة، تشد السامع وتجعله يترنّم بالقصيدة.


(١) ابن أبي الإصبع: تحرير التحبير: ص ٢٢٣.
(٢) ديوان الصرصري: ورقة ٩٤.

<<  <   >  >>