للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويستطيع القارئ أن يلحظ بسهولة أن هذه الأشكال الشعرية، وإن كانت كل قصيدة منها على وزن واحد فإنها تحمل طاقة موسيقية أكثر من القصيدة العادية، وهذا ناتج عن التقطيعات الداخلية، وعن تنوع القوافي داخل القصيدة الواحدة بتكرار منسجم، يشعر السامع بترتيب إيقاعي معين، يدخل البهجة إلى نفسه.

ومن التنويع في وزن المدائح النبوية، الموشح الذي وجد ليلحن وينشد بمصاحبة الآلات الموسيقية، وهو يلائم مجالس الإنشاد والاحتفالات الدينية، التي أصبح من لوازمها قيام المنشدين بالترنم بقصائد دينية ومدائح نبوية، لذلك كان لا بد للوشاحين من أن يجعلوا المدح النبوي أحد موضوعات موشحاتهم، لأن المدح النبوي انتشر انتشارا عظيما، وشارك به كل من آنس في نفسه مقدرة على النظم، وفق ميوله وإمكاناته.

ومن موشحات المديح النبوي موشح لابن الملحمي الواعظ، قال فيه:

وترى الأعين تجري بانفساح ... دمعها الدّفّاق

زائدات فوق أمواه البطاح ... تبلغ الأعناق

أرتجي ربّي ويكفين الرّجا ... فهو الغفّار

والنّبيّ المصطفى بدر الدّجا ... أحمد المختار

مرشد الخلق إلى سبل النّجاح ... طاهر الأعراق

ذا النّدى بحر العطايا والسّماح ... طيّب الأخلاق «١»

فالميل إلى الإنشاد والموسيقا، جعل شعراء ذلك العصر يفتشون عن تنويع في الأوزان، يناسب احتياجاتهم ولذلك نشأت لديهم فنون شعرية ملحونة، مثل الزجل والمواليا، ولكل منها وزن معروف خاص به، أو عدة أوزان ولها قواف متعددة، «فمنها


(١) ابن شاكر فوات الوفيات: ٤/ ١١٢.

<<  <   >  >>