للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكيف تخاف النّفس من دونها الرّدى ... وذاك النّبيّ الهاشميّ خفيرها

محمّد المبعوث للخلق رحمة ... نبيّ الهدى هادي الورى ونذيرها

وشافعها في الحشر عند إلهها ... ومنقذها من ناره ومجيرها «١»

ولا تفوتنا الإشارة إلى أن شعراء المدح النبوي تابع بعضهم بعضا في قوافي قصائد المديح النبوي التي عورضت كثيرا، فقوافي قصيدة كعب بن زهير ترددت طويلا في قصائد المدح النبوي، وكذلك قوافي بردة البوصيري، وقوافي يائية ابن الفارض، فالمعارضة جعلت الشعراء يرددون قوافي بعينها، لا يحيدون عنها، وهذا ما أوقع بعضهم في الجمود، وخاصة بعد أن نشأت البديعيات التي التزم ناظموها قافية الميم المكسورة وهي القافية التي بنى عليها البوصيري قصيدته، وكذلك التزموا بوزن قصيدته، وهو البحر البسيط، حتى أضحى هذا الوزن وهذه القافية من ثوابت البديعيات التي لا يغادرها ناظموها، فارتبطت بالمدح النبوي عامة.

فالمدائح النبوية ارتبطت بأوزان الشعر العربي المعروفة، والتي انطلقت بعد ذلك إلى تشكيلات وزنية مختلفة، وإلى الأوزان التي عرفها أهل العصر، لم تتحجّر أوزانها إلا في البديعيات.

أما قوافيها، فإن الشكلية فيها كانت أكبر، تمثلت في لزوم ما لا يلزم، وفي نحت القوافي وتكلفها عند نظم القصائد على حروف الهجاء، وفي البديعيات أيضا.

وبعيدا عن هذه الشكلية، حلّق بعض شعراء المديح النبوي في أوزان قصائدهم وإيقاعاتها وموسيقاها وقوافيها، فتكامل شكلها الفني، واتحد مع موضوعها السامي، لتكون من غرر قصائد هذا العصر، ومن غرر قصائد الشعر العربي، التي استمر الناس في إنشادها واستذكارها، والانفعال بها.


(١) الشهاب محمود: أهنى المنائح ص ١٧.

<<  <   >  >>