للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البوصيري والصرصري وغيرهما، وكأن الشعراء أرادوا إثبات مقدرتهم على النظم ومنافسة العلماء في هذا اللون من الشعر، وأنهم قادرون على إيراد أكبر قدر من المعلومات حول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

فلننظر كيف نظم البوصيري في همزيته خبر المستهزئين برسول الله صلّى الله عليه وسلّم من كفار قريش:

خمسة كلّهم أصيبوا بداء ... والردّى من جنوده الأدواء

فدهى الأسود بن مطّلب أيّ ... عمى ميّت به الأحياء

ودهى الأسود بن عبد يغوث ... أن سقاه كأس الرّدى استسقاء

وأصاب الوليد خدشة سهم ... قصّرت عنها الحيّة الرّقطاء

وقضت شوكة على مهجة العا ... صي فلله النّقعة الشّوكاء

وعلا الحارث القيوح وقدسا ... ل بها رأسه وساء الوعاء

فديت خمسة الصّحيفة بالخم ... سة إن كان بالكرام فداء «١»

ويمضي البوصيري في الحديث عن الخمسة الذين نقضوا صحيفة قريش الداعية إلى مقاطعة بني هاشم، والقصيدة في معظمها سرد للسيرة والمعجزات، بأسلوب يبتعد عن طريقة الشعر في التعبير على الرغم من محاولات البوصيري لتحريك السرد في شعره بالتعقيب على الخبر الذي يرويه، يظهر التعجب أو يظهر المقصود من الحديث أو يضرب المثل، إلا أن كل ذلك لم يقرّب ما ينظمه من جو الشعر وطبيعة التعبير فيه التي تختلف عن طريقة التعبير في النثر عن الحقائق العلمية أو القصص التاريخية.


(١) ديوان البوصيري: ص ٥٥.

<<  <   >  >>