للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بإسناده عن شيوخ ثقا ... ت نفوا عن حديثك زور السّفيه

ومعناه أنّك قلت اطلبوا ال ... حوائج عند حسان الوجوه

ولم أر أحسن من وجهك ال ... كريم فجد لي بما أرتضيه «١»

لقد انتشر النظم عند شعراء المديح النبوي، وكأنهم شعروا أنهم لا ينظمون شعرهم الذي اعتادوا عليه، وإنما ينظمون شعرا آخر، وفق قواعد نظمهم المعروفة، وربما ظنوه فنا جديدا، فنا قصيصا شعريا، لكنهم لم يتلمسوا معالم هذا الفن، ولم يحتذوا فيه مثالا معروفا، يقتدون به، ولم يطلعوا على آداب الأمم الآخرى ولو حصل ذلك، أو لو وجد من يستمر في هذا النوع من النظم ويطوره، لكان لنا فن جديد، يضارع ما لدى الأمم الآخرى من القص الشعري الملحمي، لكن الأمور لم تسر في طريق التطور الصحيح، ولم تكن واضحة في الأذهان، وطغى عليها نظم العلوم وتقريرها شعرا، والذي منه في المديح النبوي ما نظمه بعض العلماء في بيان دعاء أو تقرير حال، أو تعداد ما يخص رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد نظم شاعر يدعى صالح بن الحسين خبر توسل آدم بالمصطفى في قوله:

فقال إلهي امنن عليّ بتوبة ... تكون على غسل الخطيئة مسعدا

بحرمة هذا الاسم والزّلفة التي ... خصصت بها دون الخليقة أحمدا

فتاب عليه ربّه، وحماه من ... جناية ما أخطاه لا متعمّدا «٢»

فماذا في هذا النظم من الشعر والشاعرية؟ الأسلوب ركيك ضعيف، يكاد يكون نثرا ثقيلا، ننأى بالعلماء عن مثل هذا التعبير، ونربأ بهم عن مثل قول أحد القضاة «٣»


(١) اليونيني: ذيل مرآة الزمان ص ٣٢٤.
(٢) شرح الزرقاني: ١/ ٤٥.
(٣) القاضي هو أحمد بن حسن بن عبد الله، توفي سنة (٧٧١ هـ) .

<<  <   >  >>