للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيروم مخلوق ثناءك بعد ما ... أثنى على أخلاقك الخلّاق» «١»

هذه المنامات أضفت على المدح النبوي قداسة عند الناس، وجعلتهم يعتقدون بكراماته، ويتعلقون بنظمه وسماعه وإنشاده وتدارسه، ويوقنون بالمغفرة جزاء ذلك.

فالنواجي قال في إحدى مدائحه النبوية:

وطوّقتني بالجود منك وبالنّدى ... فطائر سعدي فيك بالمدح ساجع

وأرجو بفضل الله ربح بضاعتي ... إذا كسدت يوم الحساب البضائع «٢»

ولهذا حرص المقري على إدراج أكبر قدر من المدائح النبوية في كتابه (نفح الطيب) ، وقال في ذلك: «فهذه عدة قصائد في مدحه صلّى الله عليه وسلّم، أرجو من الله- سبحانه- أن تكون مكفّارة لما ارتكبته على وجه الفخر والشهرة من الهزل واللغو» «٣» .

وقال أيضا: «ولا بأس أن نعززها بمقطوعات تكون للتكفير زيادة، وحق لمن توسل بسيد الوجود صلّى الله عليه وسلّم ألاتضيع وسائله» «٤» .

فالمقري يرى في إدراج المدائح النبوية في كتابه مكفّرا لزلاته، فكيف بمن ينظم هذه المدائح؟

ويعد البوصيري أكثر الشعراء تعبيرا عن هذا المفهوم لأثر المدائح النبوية، فلم تخل قصيدة من قصائده النبوية من الإشادة بالمدح النبوي وأثره، وبيان ما يحوزه ناظمه وسامعه من نعيم الدنيا والآخرة، فقد افتتح إحدى مدائحه النبوية بقوله:

بمدح المصطفى تحيا القلوب ... وتغتفر الخطايا والذّنوب


(١) المقري: أزهار الرياض ١/ ٣١٩.
(٢) المجموعة النبهانية: ٢/ ٣٥٤.
(٣) المقري: نفح الطيب ٧/ ٥٠٥.
(٤) المصدر نفسه: ٧/ ٥٠٦.

<<  <   >  >>