للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدينية المختلفة في عصرهم، وأصول هذه المذاهب بالطريقة التي يمدح بها كل شاعر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبما يضمّن مدائحه النبوية من آراء فرقته.

وكذلك الأمر مع جدال أهل الكتاب، فالشعراء وجدوا في المدح النبوي فرصة لمقارعة الغزاة من أهل الكتاب، ورد حججهم، وتسفيه آرائهم، والدفاع عن الإسلام ونبيه الكريم، فهم يعرفون أن ردّهم هذا سيصل إلى الناس في مدائحهم النبوية التي انتشرت انتشارا عظيما، وسينفعل الناس بذلك، ويعرفون كذب افتراآت أعدائهم، وما بذله شعراء المدائح من جهد في الذب عن الإسلام والمسلمين، ومن ذلك قول البوصيري

ما بال من غضب الإله عليهم ... حادوا عن الحقّ المبين ونكّبوا

عبدوا وموسى فيهم العجل الذي ... ذبحوا به ذبح العجول وعذّبوا

وصبوا إلى الأوثان بعد وفاته ... والرّسل من أسف عليهم تندب «١»

وقد أفلح شعراء المدائح النبوية في ردّهم على من انتقص الإسلام من أهل الكتاب، وقدّموا للناس ما يستطيعون أن يردوا به على هؤلاء، وبصّروهم بحقيقة ادعاآتهم، وأطلعوهم على معتقداتهم، وبثوا في الناس الحماسة للجهاد والتضحية، وخاصة حين عرضوا في مدائحهم النبوية لوحات رائعة لبطولة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وشجاعته وصبره على قتال أعداء الله، واستماتته في إعلاء كلمة الحق، مع صحابة باعوا أنفسهم لله عز وجل فنصروا النبي صلّى الله عليه وسلّم بكل سبل النصرة، وتهافتوا على الاستشهاد في سبيل الله، فلماذا لا يقوم العرب المسلمون بمثل ما قام به أجدادهم، فيدفعون عن أنفسهم وبلادهم عدوان الطغاة من الفرنجة والمغول؟

فالشهاب محمود عرض في مدحة نبوية صورة رائعة لبطولة المسلمين وتضحياتهم وانتصاراتهم، وأثر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ذلك كله، فقال:


(١) ديوان البوصيري ص ٩٣.

<<  <   >  >>