للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولولاه ما بيعت وخالقها اشترى ... نفوس حماة الدّين بين المعارك

ولا عفّرت في طاعة الله في الوغى ... وجوه كرام تحت وقع السّنابك

ولا أشرقت والنّصر تجلى نصاله ... حوالي العوالي في الخطوب الحوالك «١»

ولا شك أن قصائد المدح النبوي كانت ذات أثر كبير في تحريض الناس، وحفز هممهم للجهاد، مثلما كانت ذات أثر في الجدل الديني بين المسلمين، وبينهم وبين أهل الكتاب، وكانت كذلك دعوة جادة إلى الإصلاح الاجتماعي في عرضها للمعاني الإسلامية السامية، ولصور من حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسيرته، وتأكيدها مفهوم المساواة والعدالة في الإسلام، وقد أكّد الشهاب محمود هذه المعاني حين وصف المسلمين أثناء حجهم، فقال في إحدى مدائحه النبوية:

كأنّهم في البعث لا فرق فيهم ... يرى بين مملوك هناك ومالك

ولا بين باد جاء يسعى وعاكف ... ولا بين أرباب الغنى والصّعالك

تساووا به في قصدهم وتفاضلوا ... بإخلاصهم لا بالغنى والممالك. «٢»

هذه المساواة وهذه العدالة التي أقرّها الإسلام بين البشر، تذكّر أهل العصر بما يجب أن يكون في ظل حكم المماليك، ولذلك عرّض الشرف الأنصاري بملوك عصره، حين مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقوله:

زحزحت عن طرق المظالم عادلا ... فينا، ومن للعدل إن لم تعدل

وقرنت بالشّرس اللّيان فأتربت ... كفّ المحقّ وخاب سعي المبطل

تلك النّبوّة لا سيادة مالك ... أمر الأنام بمشرب أو مأكل «٣»


(١) الشهاب محمود: أهنى المنائح ص ٨٤.
(٢) المصدر نفسه ص ٧٣.
(٣) ديوان الشرف الأنصاري ص ٥٦٢.

<<  <   >  >>