للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هل هي إلا سنّة الحقّ التي ... أرشد من لاذبها أو احتذى

كفّ اللّسان وانبساط الكفّ بال ... خير وطيب الذّكر همّ قد شذا

ومن تكن دنياه أقصى همّه ... لم يرو من ثدي الحجى ولا اغتذى «١»

لقد ذكر الشاعر هذه الأخلاق الفاضلة في مقصورته النبوية، وكأنه يغمز من أخلاق معاصريه، فهذه الحكم جاء بها ليجابه ما انتشر بين الناس في زمانه من عادات فاسدة وأخلاق مذمومة، لذلك عاد إلى إدراج طائفة أخرى من الأخلاق على شكل حكم، فقال:

والعلم في حال الغنى والفقر لا ... يزال يرقى بك كلّ مرتقى

ولا ألوم المال فالمال حمى ... من جاهل يلقاك شرّ ملتقى

قد جبل النّاس على حبّ الغنى ... فربّه فيهم مهاب متّقى

وما لذي فقر لديهم رتبة ... ولو أفاد وأجاد واتّقى

إنّ الغنى طبّ لعلّات الفتى ... والفقر داء لا تداويه الرّقى «٢»

فالشاعر يعرض في مدحته النبوية عددا من الفضائل الخلقية التي يجدر بالناس أن يتحلوا بها، وينتقد بلطف بعض أخلاق أهل عصره، وخاصة البخل وحب المال وكنزه ومراعاة الغنى واحترامه على علّاته، وازدراء الفقير على علمه وأدبه.

وقد مرّ كثير من الأمثلة التي أظهر فيها الشعراء اهتمامهم بالأخلاق الفاضلة، حين مدحوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بخلقه وشمائله وخصاله الكريمة، وحين أشادوا بصحابته الكرام، وتخلّقهم بأخلاق حبيبهم المصطفى.


(١) المقري: نفح الطيب ٧/ ٣١١.
(٢) المصدر نفسه ٧/ ٣١٩.

<<  <   >  >>