للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقلوها إلى مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فمعانيه في مدح الخلفاء هي نفسها معاني المدح النبوي.

وتابعه عدد من شعراء ذلك الوقت في معاني مدحه للخلفاء، وكأن هذا الأمر كان منتشرا، لا حرج فيه.

فمعاني المدح النبوي كانت شائعة في القصائد الآخرى، يستخدمها الشعراء للمبالغة والافتتان في تقليب المعاني، ورأينا كيف أكثر الشعراء من التمثّل بأحوال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وضرب المثل به، والاحتجاج لأفكارهم وما يذهبون إليه.

ووصل الأمر إلى الغزل، فاستخدمت معاني المدائح النبوية في تلوين معاني هذا الفن، فالوأواء الدمشقي، «١» حلّف حبيبته قائلا:

إنّي سألتك بالنّبيّ محمّد ... ووصيّه الهادي الأمين المهتدي

هلّا هجرت بفيك قولك سيّدي ... مولى يقول لعبده يا سيّدي «٢»

وللوأواء أبيات غزلية أخرى، يظهر أنها مقدمة لمدحة نبوية لم تصلنا، يجعل فيها مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خلاصا له من متاعب الحب، ومدخلا إلى المغفرة والثواب، فيقول:

يا من نفت عني لذيذ رقادي ... مالي ومالك قد أطلت سهادي

وأقول ما شئت اصنعي يا منيتي ... مالي سواك ولو حرمت مرادي

إلا مدح المصطفى هو عمدتي ... وبه سألقى الله يوم معادي «٣»


(١) الوأواء الدمشقي: محمد بن أحمد الغساني، شاعر مجيد: كان مناديا بدار البطيخ بدمشق له ديوان شعر، توفي سنة (٣٨٥) . ابن شاكر: فوات الوفيات ٣/ ٢٤٠.
(٢) ديوان الوأواء الدمشقي: ص ٨٩.
(٣) الأبشيهي: المستظرف ٢/ ١٧٧.

<<  <   >  >>