للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونجد في الغزل أيضا أبياتا لشاعر يدعى ابن أبي أحمد العسكري يعكس فيها ما عهدناه في المدائح النبوية، حين يستخدم مصطلحات المدح النبوي في الغزل، في حين أن شعراء المدح النبوي استخدموا الغزل وعباراته في المدح النبوي، فهو يقول:

لولا تحدّيه باية سحره ... ما كنت متّبعا شريعة أمره

رشأ أصدّقه وكاذب وعده ... يبدي لعاشقه أدلّة كفره

ظهرت نبوّة حسنه في فترة ... من جفنه، وضلاله من شعره «١»

ومن الطّريف أن تستخدم معاني المدح النبوي في الهجاء، فحين وقف أحد الشعراء على شعر ابن الشجري «٢» ، قال:

يا سيّدي والذي أراحك من ... نظم قريض يصدى به الفكر

مالك من جدّك النّبيّ سوى ... أنّك ما ينبغي لك الشّعر «٣»

فاستخدام معاني المدح النبوي في مواضيع الشعر الآخرى، يظهر مدى انتشار هذا الفن، ومدى تأثيره في الشعر.

وكان شعر المدح النبوي غزيرا جدا، لا يحيطه حصر، وبلغ شعراء المدح النبوي عددا كبيرا لا يعلمه إلا الله، وكثير منهم نظموا دواوين مستقلة، قصروها على المدح النبوي، وقد وصف المقري المدائح النبوية بقوله: «فالأمداح النبوية بحر لا ساحل له، وفيها النظم والنثر» «٤» .


(١) ابن الفوطي: مجمع الآداب ١/ ٤٤.
(٢) ابن الشجري: هبة الله بن علي بن محمد الحسني الشريف، من أئمة العلم باللغة والأدب، كان نقيب الطالبيين بالكرخ من كتبه الأمالي وديوان شعر، توفي ببغداد سنة (٥٤٢ هـ) . ابن خلكان: وفيات الأعيان ٦/ ٤٥.
(٣) ابن خلكان: وفيات الأعيان ٦/ ٤٩.
(٤) المقري: نفح الطيب ٧/ ٥١٢.

<<  <   >  >>