للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمعارضة لم تقتصر على المدائح النبوية، بل كان الشعراء يعمدون إلى قصائد تعجبهم معانيها ووزنها وأسلوبها، فيعارضونها، ويصرفون معانيها إلى المدح النبوي، إضافة إلى أن شعراء المدح النبوي، كان يتابع بعضهم بعضا، حين ينظم شاعر سابق قصيدة متميزة تنال إعجابهم، فينظمون على غرارها، مستعينين بشهرتها وإقبال الناس عليها، فعند ما نظم الصرصري مدحة نبوية خفيفة الوزن، جزلة الألفاظ، بدأها بوصف جميل للطبيعة، فقال:

جرت نسيم السّحر ... على متون الغدر

فجعّدتها وثنت ... أعطاف بسط الزّهر «١»

عارضها الشعراء، وحين نظم الشهاب محمود قصيدته التي يقول فيها:

وصلنا السّرى وهجرنا الدّيار ... وجئناك نطوي إليك القفارا «٢»

عارضه غير واحد.

وأمثلة المعارضة أكثر من أن تحصى، فالشعراء المتأخرون كانوا لا يعجبون بقصيدة لشاعر متقدم حتى يشبعوها معارضة، وغير ذلك من زيادات التخميس والتشطير.

والزيادات التي أحدثها شعراء المدح النبوي على المدائح النبوية، جعلت المدح النبوي من الغزارة بمكان، فالذي لا يجد في نفسه مقدرة على النظم الجيد للشعر، وحدته رغبة جامحة للمشاركة في مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، عمد إلى قصائد المدح النبوي المشهورة، فعارضها، أو شطّرها أو خمّسها، أو أجرى عليها زيادة من أنواع الزيادة


(١) ديوان الصرصري، ورقة ٣٤.
(٢) الشهاب محمود: أهنى المنائح ص ١.

<<  <   >  >>