للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبأصحابك الذين هم بع ... دك فينا الهداة والأوصياء

أحسنوا بعدك الخلافة في الد ... دين وكلّ لما تولّى إزاء

ثم طلب شفاعة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قائلا:

الأمان الأمان إنّ فوادي ... من ذنوب أتيتهنّ هواء

وأنهى قصيدته بالحديث عنها، وبالصلاة على النبي، فقال:

حاك من صنعة القريض برودا ... لك لم تحك وشيها صنعاء

فسلام عليك تترى من الل ... له وتبقى به لك الباواء

وصلاة كالمسك تحمله منّي ... شمال إليك أو نكباء «١»

فهذه القصيدة التي زادت على أربع مئة وخمسين بيتا، جمع فيها البوصيري بشاعرية فياضة بين سيرة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعجزاته، وبين مجادلة أهل الكتاب وذكر مشاعر الحج وطريقه، وبين مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ووصف مشاعر المؤمنين الذي يسعون لزيارته، وبين مدح آل بيته وصحابته والوعظ والحكمة.

يتحدث عن المعارك والبطولة، وعن الخوارق والمعجزات، ويذكر الناس والملائكة، وينتقل ما بين عالم المادة وعالم الروح في كلّ متكامل، وصراع حاسم بين الخير والشر.

إنها ملحمة الهداية وملحمة الإنسانية، وملحمة صراع العرب مع أعدائهم، ومن أجل تشكّل أمتهم. فالحس الملحمي واضح فيها ظاهر، لأنها تؤرّخ للدعوة الإسلامية، وتؤرّخ لحياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وتربط الماضي بالحاضر، وتجسّد البطولة المطلقة والمثل الأعلى، والقيم المثلى للأمة، فماذا يبقى من المميزات الأساسية للملحمة؟


(١) البأواء: الفخر- نكباء: ريح.

<<  <   >  >>