للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لذلك نجد كثيرا من المدائح النبوية التي لا تحوي جديدا، والتي لا تعدو أن تكون نظما للسيرة أو سردا للمعجزات، فأتت فيها الأحاديث والروايات بنصها وألفاظها تقريبا.

ويعكس أسلوب المدحة النبوية الاتجاهات الفنية التي عرفت في العصر المملوكي، فنجد القصيدة التقليدية التي تبدأ بالوقوف على الأطلال وتثني بالغزل وذكر الرحلة، ليصل الشاعر بعد ذلك إلى موضوعه وهو المدح، ويختمها بالمراد من مدحته، وقد اختلف هذا الشكل من شاعر إلى شاعر، فبعضهم أخل به بعض الإخلال، وبعضهم غيّر فيه، فاستبدل بذكر الأطلال وديار المحبوبة، ذكر الأماكن المقدسة، وترك الغزل الإنساني المحسوس، وتغزّل غزلا عاما مجرّدا، مظهرا تشوقه ووجده، ومشاعره الدينية الرقيقة.

ونجد في المدائح النبوية القصائد التي تخلو من كل تقديم، كما نجد الأراجيز التي تميزت منذ القدم وعدت أحد أشكال القصيدة العربية.

وإلى جانب ذلك نرى الإضافات التي زيدت على القصائد، فغيّرت شكلها، مثل التشطير والتخميس والتسديس والتسبيع، مع الموشحات والأشكال المستحدثة الملحونة.

ونلاحظ كذلك وجود القصائد المخططة مسبقا، والتي وضع الشعراء لها قيودا محددة، كأن ينظم الشاعر عددا من القصائد، كل قصيدة تتألف من عشرة أبيات، ولها روي مختلف، ويرتبها ترتيبا أبجديا، بعدد حروف الهجاء وتسلسلها، وقد تكون القصائد مؤلفة من عشرين بيتا، فتكون من العشرينيات، وقد يزيد الشاعر قيوده، فيلتزم ببداية كل بيت من قصائده بحرف القافية، إلى غير ذلك من أساليب الصنعة الشكلية التي استحدثت في هذا العصر.

<<  <   >  >>