وحرصوا كذلك على ذكر سيرته العطرة، فأظهروا جوانب العظمة والموعظة فيها، وذكروا معجزاته الباهرة منتقلين في ذلك إلى الغيبيات ونظرية الحقيقة المحمدية التي أفاضوا فيها أيّما إفاضة، واستغرقوا في تفصيل جوانبها أيّما استغراق.
وقد ذكروا في مدائحهم الصحابة الكرام، وأشادوا بإخلاصهم لله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، وتفانيهم في نصرة الدين، ومدحوا آل البيت الأطهار، ونوّهوا بمكانتهم الرفيعة وقرابتهم من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وإضافة إلى ذلك كله ذكروا بعضا من هموم عصرهم وقضاياه، وبسطوا عقائدهم ومذاهبهم ودعو إلى الجهاد وحثّوا على التحلّي بمكارم الأخلاق، واختتموا قصائدهم بالدعاء والتوسل والصلاة على النبي.
كما أضاف مادحو النبي من المغاربة في بعض قصائدهم مدح سلطان وقتهم، وخاصة في المولديات.
وقد تلوّن مضمون المدحة النبوية باختلاف مذاهب الشعراء واتجاهاتهم الدينية، فانطلق كل شاعر في مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من موقعه وتوجهه وما يراه.
فمضمون المدحة النبوية هو الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وما استلزمه هذا الحديث، وانعكاس العصر على صفحته.
أما معاني المدح النبوي، فمعظمها مستقى من القرآن الكريم والحديث الشريف والسيرة النبوية، والتراث العربي، شعره ونثره، وقليلة هي المعاني التي تعد ابتكارا جديدا من إبداعات شعراء المدائح النبوية، والتي جاء من الأفكار الجديدة التي عرفوها في عصرهم، ومما تفتقت عنه قرائحهم، فاقتنصوا المعنى من هنا وهناك، وبالقدر الذي أسعفتهم به ثقافتهم وموهبتهم.