للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنّي تفرّست فيك الخير أعرفه ... والله يعلم أن ما خانني البصر

أنت النّبيّ ومن يحرم شفاعته ... يوم الحساب فقد أزرى به القدر

فثبّت الله ما آتاك من حسن ... تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا «١»

إن مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حياته جاء ما بين الإشادة بخصاله الكريمة، على عادة شعراء المدح آنذاك وبين الإشادة بهدايته ونبوّته، وكل شاعر مدحه حسب موقفه من الإسلام، فالشعراء الذين قصدوا الرسول الكريم مثل شعراء الرفود، ولم يكونوا يعرفون الكثير عن الإسلام والنبوة، ولكن تناهى إلى أسماعهم صفاته العظيمة وأعماله الميمونة، توجهوا إليه بالمدح على طريقتهم التي اعتادوها في مخاطبة ساداتهم، أما الشعراء المسلمون الذين صاحبوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وتملّك الإيمان قلوبهم، وعرفوا مكانة الرسول الدينية، فإنهم مدحوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بما عرفوا عنه في دينهم السامي، ولذلك نجد من مدحه بالقيم الاجتماعية التقليدية فقط، ونجد من مدحه بالقيم الدينية فقط، ونجد من مزج بينها، فشاعر مثل مالك بن عوف «٢» اليربوعي سمع عن الرسول الكريم ومكانته وصفاته وأعماله، فمدحه بذلك وبكرمه، وذكر مقدرة الرسول العظيمة على التنبّؤ بالغيب، بدهشة وبساطة، وهذا يظهر أنه حين قال هذا الشعر لم يكن على دراية بالإسلام وموقع الرسول فيه:

ما إن رأيت ولا سمعت بواحد ... في النّاس كلّهم بمثل محمّد

أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدى ... وإذا يشأ يخبرك عمّا في غد

ومنهم من وجد في النبي الكريم ما تحدثت عنه أخبار الأوائل والرسل السابقين عليهم السلام، وهذه أمور دينية محضة، مثل كليب بن أسد الحضرمي «٣» الذي قال:


(١) ديوان عبد الله بن رواحة ص ١٤٤.
(٢) مالك بن عوف بن سعيد بن يربوع، صحابي، قاد هوازن لحرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم أسلم وشهد القادسية وفتح دمشق، كان شاعرا رفيع القدر في قومه، توفي نحو (٢٠ هـ) . ابن حجر: الإصابة ٦/ ٣١.
(٣) كليب بن أسد بن كليب الحضرمي، صحابي من شعراء حضرموت، مخضرم، مدح الرسول صلّى الله عليه وسلّم فمسح الرسول صلّى الله عليه وسلّم بيده وجهه، وكان ذلك من مفاخر ذريته. توفي نحو (٤٣ هـ) . ابن حجر: الإصابة ٥/ ٣١٢.

<<  <   >  >>