للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإنسان-، فتحدثوا عن مكانته الدينية، ومنزلته عند الله تعالى، وقد سمعوا القرآن الكريم يمدحه ويشيد به. ومن ذلك قول العباس «١» بن مرداس:

نبيّ أتانا بعد عيسى بناطق ... من الحقّ فيه الفصل منه كذلكا

أمين على الفرقان أوّل شافع ... وآخر مبعوث يجيب الملائكا «٢»

ووصل الأمر في التوجّه الديني عند مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الحديث عن الغيبيات، وعن كيفيّة خلق الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وأوّلية خلقه، وهو تصريح بالحقيقة المحمدية التي انتشرت عند مادحي الرسول الأعظم، وقد نسب هذا المدح إلى العباس- رضي الله عنه- عمّ النبي الكريم، وهو ينحو فيه منحى رمزيا، لا نعهده عند شعراء تلك المرحلة، ولا المرحلة التي أعقبتها، فقد قيل: (كنّا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال له عمه العباس:

يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا يفضض الله فاك، فأنشأ يقول:

من قبلها طبت في الظّلال وفي ... مستودع حيث يخصف الورق

ثمّ هبطت البلاد لا بشر ... أنت ولا مضغة ولا علق

بل نطفة تركب السّفين وقد ... ألجم نسرا وأهله الغرق

تنقّل من صالب إلى رحم ... إذا مضى عالم بدا طبق

حتّى احتوى بيتك المهيمن من ... خندف علياء تحتها النّطق «٣»

إن هذه القطعة على جانب كبير من الأهمية، وتكون قد سبقت زمنها، لأن مثل


(١) العباس بن مرداس بن أبي عامر السلمي، شاعر فارس، أمه الخنساء الشاعرة له ديوان شعر مجموع توفي نحو (١٨ هـ) . ابن قتيبة: الشعر والشعراء ص ١٦٦.
(٢) الأصفهاني: الأغاني ١٤/ ٣٠٥.
(٣) الصفدي: الغيث المسجم ص ٢٧٥.

<<  <   >  >>