للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقافيتها، أما المضمون، فإنه مغاير لما عند كعب، ولم يلتقيا إلا في مدح الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم، كلّ على طريقته ووفق ما سمحت به ظروفه.

وبذلك تقدم الزمخشري بالمدحة النبوية إلى الأمام حين ربط بينها وبين العصر، وحين جعل منها وسيلة لرفع ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والتنبيه على قدر سنّته الغراء من ناحية، ولنشر ما يعتقده من آراء وأفكار من ناحية ثانية، وما كانت المعارضة إلا توطينا لنفسه على المديح النبوي، وللإفادة من وزن القصيدة وبعض ألفاظها وشهرتها.

ويطالعنا في هذا العصر (البلوي) «١» مؤلف كتاب (ألف با) بقصيدة نبوية، أضرب فيها عن المقدمات، وباشر المدح، وقد أوضح في التقديم لها أن المديح النبوي قد ازداد على عهده، وأن ذلك حرّك في نفسه دواعي مجاراة مدّاح النبي، فنظم قصيدته هذه، وبيّن في بداية القصيدة أنه نظمها طلبا للأجر والثواب، لذلك فهي خالصة للمديح النبوي والتشفع بالنبي الأمين، لا يخالطها شيء آخر، بدأها قائلا:

قد قلت قولا أبتغي أجره ... من ملك رحمته تطلب

في القرشيّ الهاشميّ الذي ... يقصّر في مدحه المطنب

محمّد المنتخب المصطفى ... من مثله أو منه من يقرب

أرسله الله لنا رحمة ... والكفر في ظلمته يحطب

فجمع الله به شملنا ... بعد شتات أمره معطب

وأصبح النّاس به إخوة ... أبوهم الإسلام نعم الأب


(١) البلوي: يوسف بن محمد الأندلسي، عالم باللغة والأدب، تولى الخطابة بمالقة وزار مصر، كان أحد الزهاد المشهورين، بنى مسجدا بيده، ولم تفته غزوة في البر ولا في البحر، له كتاب (ألف با) . القنوشي: التاج المكلل ١/ ٤ وكتابه ألف با ١/ ١٨.

<<  <   >  >>