للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ينتقل بعد ذلك ليشيد بالصحابة رضوان الله عليهم، وبشجاعتهم ونصرتهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولم يفرّق بينهم أو يخصّ أحدهم بالفضل، وكأنه بذلك يقرر حقيقة من حقائق مذهبه، ويرد على الذين يفرّقون بين الصحابة الكرام في الفضل والتقدمة، فهو يحبهم جميعا، ويفرح لذكرهم، لذلك يقول:

حفّته أشياع صدق كاللّيوث بهم ... دم الذين استضاموا الدّين مطلول

إذا جرى ذكرهم رفّ القلوب له ... كما يرفّ الخزامى وهو مطلول

وفي ختام قصيدته يظهر الزمخشري ما بنفسه، فيستشفع برسول الله صلّى الله عليه وسلّم مؤكدا أنه لم يخرج عن الدين ولم يقرب حراما، وأن قومه المعتزلة ما زالوا على تقواهم واتباع الحق بخلاف الفرق المضلله التي تناوئهم، فقال:

يا خاتم الرّسل إنّ الطّول منك على ... راجي الشّفاعة يوم الحشر مأمول

وطّاء أعقاب قوم ما لهم عمل ... في نصرة الدّين والإسلام مجهول

لهم ضمائر للتّفكير قارعة ... وألسن كلّها بالذّكر مشغول

موحّدون إلها أنت صفوته ... مصدّقوك فلا غالتهم غول

إن زال عن رمي أغراض الهدى فرق ... تلهو مضلّلة قالت لهم زولوا

فقوس قومي بالتّقوى موتّرة ... وسهمهم باتّباع الحقّ منصول

وواضح من القصيدة أن الزمخشري تسلل بذكاء داخل المديح النبوي، ليدافع عن نفسه وعن مذهبه، وأنه اختار المديح النبوي ليعبر من خلاله عن مذهبه وآرائه، وليزيد في تأكيد ارتباطه برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإقراره بنبوته، وأن ما يذهب إليه المعتزلة من تعظيم شأن العقل وإعماله في العقيدة، لا يبعدهم عن الإسلام الصحيح، وعن مبادئه ومفاهيمه، لذلك لم يبق من معارضته لقصيدة كعب غير هيكل القصيدة، ووزنها

<<  <   >  >>