للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تمرا أو لحما يشترونه، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك، وإذا القوم مرملون «١» مسنتون «٢» ! فقالت: والله لو كان عندنا شىء ما أعوزكم القرى. فنظر رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى شاة فى كسر الخيمة، فقال: «ما هذه الشاة يا أمّ معبد؟» قالت: هذه شاة خلّفها الجهد عن الغنم. فقال:

«هل بها من لبن؟» قالت: هى أجهد من ذلك. قال: «أتأذنين لى أن أحلبها؟» قالت: نعم بأبى أنت وأمّى، إن رأيت بها حلبا، فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالشّاة، فمسح ضرعها، وذكر اسم الله وقال: «الّلهمّ بارك لها فى شاتها» ، قال: فتفاجّت «٣» ، ودرّت، واجترّت، فدعا بإناء لها يربض «٤» الرّهط، فحلب فيه ثجّا «٥» ، حتّى غلبه الثّمال «٦» ، فسقاها، فشربت حتّى رويت، وسقى أصحابه حتّى رووا، وشرب صلّى الله عليه وسلم اخرهم، وقال: «ساقى القوم اخرهم» ، فشربوا جميعا عللا «٧» بعد نهل «٨» حتّى أراضوا «٩» ، ثمّ حلب فيه ثانيا عودا على بدء، فغادره عندها، ثمّ ارتحلوا عنها، فقلّما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد، يسوق أعنزا حيّلا «١٠» عجافا «١١» هزلى، ما تساوق «١٢» مخّهنّ قليل لا نقى «١٣» بهنّ فلمّا رأى


(١) مرملون: نفد زادهم، وأصله من الرمل كأنهم لصقوا بالرمل.
(٢) أسنتوا أجدبوا: أى أصابتهم السنون.
(٣) تفاجت: التفاج المبالغة فى تفريج ما بين الرجلين.
(٤) يربض الرهط أى يرويهم ويثقلهم حتى يناموا ويمتدوا على الأرض، من ربض فى المكان إذا لصق به وأقام ملازما له.
(٥) ثجا: أى لبنا سائلا كثيرا.
(٦) الثمال: هو بالضم الرغوة واحدة ثمالة.
(٧) العلل: الشرب بعد الشرب.
(٨) النهل: نهل ينهل نهلا شرب.
(٩) حتى أراضوا: أى شربوا عللا بعد نهل مأخوذ من الرضوة، وهو الموضع الذى يستنقع فيه الماء، وقيل: معنى أراضوا، صبوا اللبن على اللبن.
(١٠) أى غير حوامل.
(١١) المهزولة.
(١٢) ما تساوق: أى تتابع والمساوقة المتابعة، كأن بعضها يسوق بعضا، لتخاذلها بتخلف بعضها عن بعض.
(١٣) النقى: المخ: فلامخ بهن لضعفها.

<<  <   >  >>