للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لك من رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم «١» - فسمعه رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- فاستغضب فقال: «لا تعطه يا خالد، لا تعطه يا خالد ... هل أنتم تاركون لى أمرائى، إنما مثلكم ومثلهم كمثل رجل استرعى إبلا أو غنما فرعاها ثمّ تحيّن سقيها فأوردها حوضا فشرعت فيه فشربت صفوه وتركت كدره، فصفوه لكم وكدره عليهم» «٢» .

[٢٦] عن أنس بن مالك أن ناسا من عرينة قدموا على رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- المدينة فاجتووها «٣» . فقال لهم رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-: «إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها» ففعلوا فصحّوا، ثم مالوا على الرّعاء فقتلوهم وارتدوا عن الإسلام وساقوا ذود رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- فبلغ ذلك النبى- صلّى الله عليه وسلّم-، فبعث فى إثرهم فأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل «٤» أعينهم وتركهم فى الحرة حتى ماتوا «٥» .


(١) أى قال عوف بن مالك: هل أنجرت لك ما ذكرت لك من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإنه كان قد قال لخالد: لابد أن أشتكى منك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
(٢) حديث صحيح.. رواه مسلم فى كتاب الجهاد والسير- باب استحقاق سلب القتيل (٥/ ١٤٩) . معنى الحديث: أن الرعية يأخذوون صفو الأمور، فتصلهم أعطياتهم بغير نكد، وتبتلى الولاة بمقاساة الأمور، وجمع الأموال على وجهها، وصرفها فى وجوهها، وحفظ الرعية، والشفقة عليهم، والذب عنهم، وإنصاف بعضهم من بعض.
(٣) عرينة: هم حى من قضاعة، من القحطانية. معجم القبائل (٢/ ٧٧٦) (اجتووها) أى لم توافقهم، وكرهوها لسقم أصابهم.
(٤) سمل أعينهم أى فقأها وأذهب ما فيها.
(٥) حديث صحيح.. رواه مسلم فى كتاب القسامة- باب حكم المحاربين والمرتدين (٥/ ١٠١- ١٠٢) . فائدة: استدل أصحاب مالك وأحمد بهذا الحديث أن بول ما يؤكل لحمه وروثه طاهران، وأجاب بعض الشافعية من القائلين بنجاستهما بأن شربهم الأبوال كان للتداوى وهو جائز بكل النجاسات سوى الخمر والمسكرات. قلت: ولا يجوز التداوى بالنجاسات بجميع أنواعها لحديث أبى هريرة: نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الدواء الخبيث [حديث صحيح] . وإنما يستثنى أبوال الإبل لهذا الحديث، وهو من باب حمل العام على الخاص كما هو متقرر فى علم الأصول.

<<  <   >  >>