للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين «١» ليس بأيديهم شىء من أموالهم، ويمرّ بالخربة فيقول لها: أخرجى كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النّحل، ثمّ يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسّيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض «٢» ثمّ يدعوه فيقبل ويتهلّل وجهه، يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقىّ دمشق بين مهرودتين «٣» واضعا كفّيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدّر منه جمان كالّلؤلؤ «٤» فلا يحلّ* لكافر يجد ريح نفسه إلّا مات. ونفسه ينتهى حيث ينتهى طرفه، فيطلبه حتّى يدركه بباب لدّ «٥» فيقتله، ثمّ يأتى عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم ويحدّثهم بدرجاتهم فى الجنّة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إنّى قد أخرجت عبادا لى، لا يدان لأحد بقتالهم** فحرز عبادى «٦» إلى الطّور. ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كلّ حدب ينسلون «٧» ، فيمرّ أوائلهم على بحيرة طبريّة فيشربون ما فيها، ويمرّ اخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرّة ماء، ويحصر نبىّ الله عيسى وأصحابه، حتّى يكون رأس الثّور لأحدهم


(١) ممحلين: المحل: الجدب والقحط، والإمحال كون الأرض ذات جدب وقحط.
(٢) الجزلة: أى قطعة، أى يجعله بين القطعتين مقدار رمية.
(٣) مهرودتين: قيل: هما ثوبان مصبوغان بورس ثم يزعفران، وقيل: هما شقتان.
(٤) جمان اللؤلؤ: الجمان حبات من الفضة تصنع على هيئة اللؤلؤ الكبار، والمراد ينحدر منه الماء على هيئة اللؤلؤ فى صفائه.
* لا يحل: لا يمكن ولا يقع.
(٥) باب لد: بلدة قريبة من بيت المقدس.
** لا يدان لأحد: لا قدرة لأحد.
(٦) فحرز عبادى: أى ضمهم واجعله لهم حرزا، يقال: أحرزت الشىء أحرزه إحرازا إذا حفظته وضممته إليك.
(٧) المراد من كل موضع يمشون مسرعين.

<<  <   >  >>